للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرض ذَهَباً وَلَوِ افتدى بِهِ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: ٩١] .

إذن فهناك لون من النفقة يرفضه الله، وتداعى المعاني في النفس الإنسانية قد يجعل الإنسان يسأل «ما هي إذن النفقة المقبولة؟» لذلك كان لا بد وأن يأتي قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} فإذا كانت هناك نفقة مردودة فهناك أيضا نفقة مقبولة، وهكذا نرى الآية التي تحرص على الإنفاق منسجمة مع ما قبلها. {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} ، قد يسأل سائل، ولماذا لا ينال الإنسان البر إلا بعد ان ينفق مما يحب؟ وله أن يعرف أن طبيعة النفس الإنسانية هي «الشح» ولهذا جاء في القرآن الكريم: {فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون} [التغابن: ١٦] .

وشح النفس يأتي لأن الإنسان لا يأمن أبدا أن يأتيه العجز من بعد القدرة، لذلك فإنه يحاول إن كان يملك شيئا أن يؤمن العجز المتوهم، فيحافظ على ما عنده من حاجات، ومن هنا جاءت الحيازة والملكية ولم تنشأ هذه الأشياء من أول الخلق، وإنما نشأت من يوم أن ضاقت الأمكنة المُعْطية دون الحاجات، فحين تكون الأمكنة المعطية تسع الحاجات فلا داعي لهذا العجز المتوهم.

لنفترض أن رجلا اشترى صندوقا من البرتقال، ودخل منزله وعندما يحتاج ابن هذا الرجل لبرتقالة أو اثنتين فإنه يأخذ ما يريد، لكن لو أحضر الرجل قليلا من البرتقال فإن زوج الرجل تكون حريصة على أن تقسم البرتقال بين الأولاد حتى لا تترك كل ابن على سجيته بما قد يحرم الآخرين.

وهكذا كان الأمر في بدء استخلاف الله للإنسان في الأرض، فمن أراد الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>