للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اخذ، ومن أراد أكل الثمار فهي أمامه، وعندما قلت مُعطيات الحاجات وذلك بضيق الأمكنة المعطية بدأت في الظهور الرغبة في الملكية، وامتياز الأشياء، والحق سبحانه يلفتنا في هذه المسألة وكأنه يقول لنا: إن النفقة لو نظرت إليها نظرة واقعية حقيقية لوجدت أنك أيها العبد مضارب لله في خير الله. ومعنى «مضارب» أي أنك تعمل عند الله بالعقل الذي خلقه لك، وتخطط به، وتعمل عند الله بالطاقة التي خلقها الله، والمادة التي خلقها الله لك تنفعل معها فماذا لك أنت؟

إن كل شيء لله، وأنت مجرد مضارب لا تملك شيئا وما دمت مضاربا أيها العبد، فإعط لله حقه، وحق الله لا يأخذه هو؛ فهو أغنى الأغنياء، إن حق الله يأخذه أخوك غير القادر الذي لا يستطيع أن يتفاعل مع المادة، ولا تظن أيها العبد أن الله حين طلب منك النفقة مما تحب أنه - جل شأنه - قد استكثر عليك ما طلب منك أن تنفقه، إنه ساعة يأخذ منك لأخيك وأنت قادر، إنما يطمئنك أنك إن عجزت فسيأخذ لك من القادرين ذلك هو التأمين في يد الله.

إن الحق يريد أن يحببنا في أن ننفق، لكن الإنسان يحاول أن ينفق مما لا يحب، فيهدي الإنسان الثوب الذي لم يعد صالحا للاستعمال يعطيه لفقير، أو يعطي الحذاء المستهلك لواحد محتاج. لكن الله يأمرنا بأن ننفق مما نحب لذلك انفعل صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما سمعوا هذا النص: {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} هذا أبو طلحة حينما يسمعها يقول: يا رسول الله، إن أحب مالي إليّ هو «بيرحاء» فأنا أخرجه في سبيل الله، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: اجعله في أقاربك، فجعله في أقاربه، وهذا زيد بن حارثة يسمع الآية الكريمة فينفعل بها كذلك، وكان عنده فرس اسمه «سَبَل» وكان يحبه، فيقول: يا رسول الله أنت تعلم حبي لفرسي، وأنا أجعله في سبيل الله فأخذه منه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وجاء بأسامة بن زيد وأركبه الفرس قال زيد: «فوجدت في نفس» أي أنه حزن، وقال زيد: يا رسول الله أنا أردت أن أجعل الفرس في سبيل الله وأنت تعطي الفرس لا بني ليركبه. فقال رسول الله لزيد: «أمَا إنّ الله قبله منك» .

وبعد ذلك ينفعل سيدنا أبو ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وكان عنده إبل، والإبل لها فحل يلقح إناث الإبل، وكان هذا الفحل أحب مال أبي ذر إليه وجاء ضيف إلى أبي ذر

<<  <  ج: ص:  >  >>