ولكنهم كذبوها، وهي قضية تتعرض للطعام، وما دامت القضية تتعرض للطعام فهناك الكثير من الملكات التي يمكن أن تتحرك، فملكات الواجد حين تتحرك فحركتها تكون بأسلوب غير الأسلوب الذي تتحرك به ملكات المعدم. فقيل أن يُحَرِك وجدان المعدم إلى أنه معدم، حتى لا يتلقى ذلك بحسرة، فإنه سبحانه يكون قد عمل رصيدا لهذا المعدم، فيرقق قلب الواجد أولا {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} وبعد ذلك يأتي قوله الحق سبحانه:
ومعنى كلمة «حل» هو «حلال» ، ويقابلها «حرام» وحل هي مصدر، وما دامت مصدرا فلا نقول «هذان حلالان» بل نقول: «هذان حل» ، ونقول:«هؤلاء حل» وإن شئت فاقرأ قوله تعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مُهَاجِرَاتٍ فامتحنوهن الله أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة: ١٠]
«لا هن» هذه لجماعة النساء، والحل مفرد، وعندما يقول الحق سبحانه:{كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ على نَفْسِهِ} فهذا يعني أنه قد حرم بعضا من الطعام على نفسه فهو حر في أن يأخذ أو يترك، أوأنه قد حرمه على نفسه فوافقة الله؛ لأن الناذر حين ينذر شيئا لم يفرضه الله عليه فهو قد ألزم نفسه بالنذر أمام الله.
إن الزمن الذي حرم فيه إسرائيل على نفسه بعضا من الأطعمة هو {مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة} أي أن هذا التحريم لم يحرمه الله، ويأتي الأمر لرسوله الكريم أن يخاطب بني إسرائيل:{قُلْ فَأْتُواْ بالتوراة فاتلوها إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} إنه قد كشف سترهم، وعلموا أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعلم أن النص الذي