الله أن يؤدي كل تكليفات الله بعشق وحب وإكمال وإتمام، فقال إبراهيم في نفسه:«ولماذا لا أرفع البيت أكثر مما تطول يداي؟» ولم تكن هناك في ذلك الزمن القديم فكرة «السقالات» ، ولم يكن مع إبراهيم عليه السلام إلا ابنه إسماعيل. وأحضر إبراهيم عليه السلام حجرا، ووقف عليه؛ ليرفع القواعد قدر الحجر.
إذن فإبراهيم خليل الرحمن أراد أن ينفذ أمر الله بالرفع للقواعد لا بقدر الاستطالة البدنية فقط، ولكن بقدر الاحتيال على أن يرفع القواعد فوق ما يطلبه الله، وهذا معنى قول الله عن إبراهيم عليه السلام:{وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين}[البقرة: ١٢٤]
أي أنه أدى مطلوب الله أداء كاملا، ولا أدل على هذا الأداء الكامل من أنه أتى بحجر ليقف عليه ليزيد من ارتفاع البيت قدر هذا الحجر. ونعرف أن الذي ساعده وشاركه في رفع القواعد هو ابنه إسماعيل. ومن أكرمه الله برؤية مقام إبراهيم يجد أن الحجر يسع وقوف إنسان واحد، وهكذا نفهم أن إسماعيل كان يساعد ويناول والده الأحجار، أما مكان الأقدام الموجودة في هذا الحجر، فهذا يعني أن إبراهيم عندما كان يقف ويحمل حجرا من المفروض أن يحمله اثنان فإن هذا يتطلب ثبات القدمين في مكان آمن حتى لا يقع.
فهل يا ترى أن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته ساعة رأى إبراهيم يحتال هذه الحيلة قال لخليله: سأكفيك مؤنة ذلك. وجعل الحق القدمين تغوصان في الحجر غوصا يسندهما حتى لا تقعا.
والذي لا يتسع ذهنه إلى أن الله ألاَنَ لإبراهيم الحجر، نقول له: إن إبراهيم قد احتال، وخاف أن تزل قدمه، فنحت مكانا في الحجر على قدر قدمه حتى تثبت قدمه حين يحمل ويرفع الحجر، وهذه آيات بينات. فخذ ما يتسع ذهنك وفهمك له، إن الله أعان إبراهيم لأنه فكر أن يبني القواعد ويرفعها أكثر مما تطول يداه، وقد مكّن الله له في ذلك وأعانه عليه، ونحن نعلم أن الهداية تكون هداية الدلالة وهداية المعونة.