{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ، والآيات هي الأمور العجيبة، وعندما تراها فإنك لا تستطيع أن تنكرها. ودخول البيت يعني الأمن للإنسان الذي يدخله، ونحن نعلم أن البيت قد تم بناؤه في هذا المكان. وهذا المكان تجتمع فيه القبائل، وبين بعض هذه القبائل ثارات ودماء وحروب، لذلك يبيّن الله الوضع الذي بمقتضاه تحقن الدماء {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} لماذا؟ لأنه بيت الرب ولا يصح أن يدخل واحد بيت الرب ويُعاقب حتى ولو كان قد أجرم جرما يوجب الله عليه الحد فيه. ولذلك قال سيدنا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: لو ظفرت فيه بقاتل الخطاب - والده لم أتعرض له.
ولكن يُضَيّق الخناق على المجرم حتى يخرج. وهذا الأمن محدد بأي أمر اقترفه في دنياه، أما من دخله كان آمنا يوم القيامة فالحكم فيه شيء آخر، إنها درجة عالية من فضل الله، والآيات البينات الواضحة في البيت الحرام يراها من زار البيت الحرام، وليحقق الله أمل كل راغب في زيارة البيت الحرام، وأن يكرر الزيارة لمن ذهب وأراد أن يعود للزيارة مرة أخرى. فساعة تدخل البيت الحرام فأنت هنا تتجه إلى مكان في البيت والمقابل لك في الكرة الأرضية يتجه إلى المكان المقابل، إلى أن تصير الاتجاهات مشتملة على الكعبة كلها. ونحن عندما نكون في الكعبة فإننا نوجه وجوهنا إلى المبنى لأننا نراها، ونحن نوجه الوجوه إلى المبنى المقطوع بأنه منها، والحطيم، وهو القوس المبنى حول حجر إسماعيل، هو من الكعبة أيضا، ولكن النفقة قصرت، فجعلوه ليحدد مكان الكعبة، فظل هكذا، فإذا غاب الإنسان عن الكعبة واتجه إليها فإنه يكفي أن يتجه إلى جهتها.
ولذلك نجد الصفوف في الصلاة حول الكعبة تتخذ شكل الدائرة؛ لأن الذين يصلون في داخل الحرم يشاهدونها، أما الذين يصلون خارجها فيكفي أن يتجهوا إلى جهتها ولو طال الصف إلى ألف متر، لذلك فالصف للمصلين خارج الحرم يكون معتدلا، أما في داخل الحرم فالصفوف تأخذ شكل الدائرة لأن أقضى بُعد في الكعبة هو اثنا عشر مترا وربع المتر، ونجد من الآيات العجيبة أنك إذا ما نظرت إلى الحجر الأسود تجد الناس تتهافت على تقبيله، والحجر يمثل أدنى أجناس الكون، ونعلم