خبير وعليم بأن التكليف شاق على النفس، ولكن على المؤمن المكلف حين يجد تكليفا شاقا عليه أن ينظر إلى الفائدة العائدة من هذا الحكم، فإن نظر إلى الفائدة من الحكم وجد أنها تعود عليه، ولذلك يسهل على العبد المؤمن أمر الطاعة. والذي لا يقبل على الطاعة ويهمل الجزاء عليها ويغفل عنه. تكون الطاعة شاقة عليه. والذي يقبل على المعصية ويهمل الجزاء عليها تكون المعصية هينة عليه. ولكن الطائع لو استحضر غاية الطاعة لعلم أنها له لا عليه.
ولو أن العاصي استحضر العذاب على المعصية لعلم أنها عليه لا له؛ فالعاصي قد يحقق لنفسه شهوة، لكنها شهوة عاجلة، أمدها قصير، ولو استحضر العاصي العقوبة على المعصية وقت عملها ما أقدم على معصيته أبدا. ولكن الذين يرتكبون المعصية ينظرون إلى الشهوة الطارئة، ويعزلون جزاء المعصية عنها، ولو أنصفوا أنفسهم، لا يستحضروا العقاب على المعصية في وقت الرغبة في ارتكابها. وحين يستحضرون جزاء المعصية مع المعصية فإن شهوة المعصية تنتهي منهم، وأضرب هذا المثل دائما عن أعنف غرائز الإنسان وهي غريزة الجنس.
هب أن هناك واحدا رأى فتاة جميلة ثم أراد أن ينالها نقول لهذا المتشرد جنسيا: استحضر العذاب على هذا العمل، وإن أخذت هذه الفتاة فتعال لنريك بعينيك ما أعده الله لك حين تتمتع بهذه الفتاة خارجا عن شرع الله، وأوقد له فرنا مسجوراً ومحمّياً، وقُل له: في مثل هذا ستدخل بل وأشد منه إن نلت من الفتاة.
أيقبل هذا المتشرد على ارتكاب تلك المعصية؟ لا؛ فشهوة المعصية تضيع عندما يستحضر العذاب عليها. إن الحق سبحانه يقول:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} والسبيل هو الطريق الموصل للغاية، والطريق الموصل للغاية عادة ما يكون مطروقا، وعندما يتجه الإنسان لأداء فريضة الحج فهو طارق للطريق، أي سيسير عليه، هكذا تعرف أن هناك ثلاثة أشياء: