وما دام الطارق سيسلك طريقا فلا بد أن يكون عنده قدرة على أن يسلك هذا الطريق فكيف تتأتى هذه القدرة؟ إن أول شيء في القدرة هو الزاد، وثاني شيء في القدرة هو المطية التي يركبها، وهكذا نتبين أننا نحتاج إلى زاد وراحلة لطارق الحج.
والسبيل الذي يطرقه، أيكون محفوفا بالمخاطر؟ لا، بل يُفترض أن يكون السبيل آمنا. إذن فالاستطاعة تلزمها ثلاث حاجات، هي: الزاد، والراحلة، وأمن الطريق. والزاد عادة يخص الإنسان نفسه، ولكن ماذا يكون الحال إن كان الإنسان يعول أسرة وصغارا؟
إذا كان الإنسان على هذا الحال فمن الاستطاعة أن يكون قد ترك زادا لمن يعولهم إلى أن يعود. وعلينا أن ننتبه إلى أن الله قال في كل تكليف:{ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ} . ولكنه سبحانه جاء في فريضة الحج بالقول الواضح، بأن الحج لله على الناس وليس لمن أسلموا فقط، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد دعا أهل الكتاب الذين كانوا يتمحكون في إبراهيم عليه السلام أن يحجوا البيت الحرام، فامتنعوا عن الحج، ولو كان الحج للمسلمين المؤمنين برسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما عرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على اليهود والنصارى أن يحجوا ليكون ذلك جمعاً لهم على أن يتجه الخلق جميعا إلى بيت الله ويعبدوا إلها واحداً هو ربّ هذا البيت، ولكنهم امتنعوا عن الحج. ولذلك يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيمن لم يحج بدون مرض حابس، أو سلطان جائر، أو فقر وعوز، يقول في الحديث الشريف:
عن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا، وذلك أن الله تعالى يقول:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} » .
ولذلك نجد التكليف بالحج قد اتبع مباشرة بقول الحق:{وَمَن كَفَرَ} فهل يقع من لا يحج بدون مانع قاهر في الكفر؟ هنا يقف العلماء وقفة. العلماء يقولون: نعم إنه يدخل في الكفر، لماذا؟ لأن الكفر عند العلماء نوعان كفر بالله، أو كفر بنعمة