ولا عمل، فأنت تجد أن الشيء الذي لا اختيار للإنسان فيه مستقيم الأمر، ولا خلاف فيه أبداً، أما الشيء الذي فيه اختيار للإنسان، فأنت تجد فيه الخلاف.
مثال ذلك: لو نظرنا إلى وسيلة مواصلات من الحيوانات كالجمال أو الخيل أو الحمير، فإننا نجدها تسير في طريق واحد، وتتقابل جيئة وذهابا فلا يحدث تصادم بين حمار وحمار، ولا قتل لراكب أحد الحمارين.
إن الحيوانات يتفادى ويتحامى بعضها بعضاً حتى لو كان الراكب نائماً. ومهما كان الطريق مزدحماً فالحيوانات لا تتصادم؛ لأن ذلك من نطاق تسخير الحق للحيوان.
ولننظر إلى الإنسان حين تدخَّل ليصنع وسيلة مواصلات، صنع الإنسان ألوان السيارات، يقودها الإنسان، ومع أن الإنسان هو الذي يقود السيارات، وبرغم ذلك بدأت تأتي المخالفات والمصادمات والحوادث؛ لأن للإنسان يداً في ذلك.
والحق سبحانه وتعالى يريد أن يدلك على أن ما خلق مسخراً بأمر الله وتوجيهه لا يتأتى منه فساد أبداً، إنما يتأتى الفساد مما لك فيه اختيار، فحاول أن تختار في إطار منهج الله. فعندما يقول الحق لك:«افعل كذا ولا تفعل كذا» فعليك أن تصدق وتطيع؛ لأن الحق سبحانه عندما سخر الأشياء للإنسان سارت بانتظام رائع، وأنت أيها العبد عندما تطيع الله فإن الأمور في حياتك تمشي بيسر.
ولذلك قلنا: إن الناس لم تشتك قط أزمة شمس ولم يشتكوا أزمة هواء، لكن لماذا اشتكوا أزمة طعام؟ إن الإنسان له دخل في إنتاج الطعام. فما للإنسان فيه دخل يجب أن يحكمه قانون التكليف من الله:«افعل كذا ولا تفعل كذا» .
الكون مخلوق بحق. ومعنى أنه مخلوق بحق أن كل شيء في الوجود يؤدي مهمته كما أرادها الله، وكما سُخِّر من أجله إذا ما قام الإنسان بتنفيذ التكليف فكل شيء يسير بحق. وإن ترك الإنسان التكليف وأخذ باختياره فإنه يصير إلى باطل ونتج ما هو باطل، والكون مبني على الحق.