للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك قد نجد رجلا له جارية سوداء فيسميها «قمرا» وقد يكون للرجل عبد شقي فيسميه: «سعيدا» . فإذا صار الاسم علما على شيء فإنه ينتقل من معناه الأصلي ويصير عَلَماً على المسمَّى، لكن الناس حين تُسمى أبناءها تلمح التفاؤل في أن يصير المعنى الأصلي واقعا.

والدميمة التي يسميها صاحبها «قمرا» افتقدت جمال المسمى، ولذلك فهو يريد لها أن تأخذ جمال الاسم. . وكلمة «مُحمد» حين ننظر إليها في الاشتقاق نجد انها ذاتٌ يقع عليها الحَمْد من غيرها، مثلما تقول: فلان مكرَّم أي وقع التكريم من الغير عليه.

وكلمة «أحمد» نجدها ذاتا وقع عليها الحمد لغيرها.

وعندما نقول: مُكرِّم - بضم الميم وفتح الكاف مع تشديد الراء مكسورة - أي وقع التكريم منه لغيره. ونحن عندنا اسمان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، في القرآن وكلاهما من مادة «الحمد» ف «محمد» ملحوظ فيه أن الحمد وقع عليه كثيرا من غيره. لكن لو كان المراد أن الحمد وقع عليه دون الكثرة فيه لكان اسم «محمود» هو الذي يطلق عليه فقط.

أما «أحمد» فقد قلنا إنه ملحوظ فيها أن الحمد وقع منه لغيره. و «أحمد» تتطابق مع أفعل التفضيل فنحن نقول: «فلان كريم وفلان أكرم من فلان» . إذن ف «أحمد» أي وقع منه الحمد لغيره كثيرا، فلو كان الحمد قد وقع منه بقدر محدود لقلنا «حامد» . إذن ف «أحمد» مبالغة في «حامد» وقع منه الحمد لغيره كثيراً فصار أحمد. و «محمد» مبالغة في «محمود» ، وقع عليه الحمد من غيره كثيرا فصار محمداً.

إذن فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جمع له الله بين الأمرين؛ فهو محمد من الله وحامد لله؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جمع الله له بين مقامين: مقام الاصطفاء ومقام المجاهدة، فبالاصطفاء كان «محمدا» و «محمود» ، وبالمجاهدة كان «حامدا» و «أحمد» . إذن نحن هنا أمام مقامين اثنين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

<<  <  ج: ص:  >  >>