قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة» .
وسيكون لذلك كلام ونحن نتناول هنا بالخواطر معركة أحُد، فبعد أن انحل القوم من الرماة عن أمره، وحدثت الكرَّة عليهم من المشركين القرسيين، بعد ذلك يتجه الصحابة هنا وهناك ليفروا، ويتكتل المشركون على رسول الله لدرجة أن ابن قمئة يمسك حجرا ويضرب به حضرة النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فيكسر رَبَاعِيَّته. وتنغرز في وجنتي الرسول حلقتا المغفر، ويسيل منه الدم، ويحاول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يصعد على صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها. وكلها مجاهدات بشرية.
أما كان الله بقادر أن يُجنِّب رسوله كل ذلك؟ إنه سبحانه قادر. ولكن كل ذلك كان تكريما من الله، ولم يرد سبحانه أن يحرم رسوله من لذة المجاهدة، وحتى يعرِّف الله المؤمنين بمحمد نقول: إن الله لم يأت بمحمد ليدلله على خلقه، ولكن ليدُلَّ كُلَّ مؤمن على أن رسول الله حينما حدث له ما حدث قد ذاق المجاهدة؛ فقد فر بعض المقاتلين من المعركة في أحد، وكادت ريح الهزيمة تهب على معسكر الإيمان، ها هو ذا سيدنا أبو عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يذهب إلى رسول الله فيجد حلقتي المغفر في وجنتيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فيحاول سيدنا أبو بكر أن يخلع حلقتي المغفر، فيتألم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فيقول سيدنا أبو عبيدة:
- إليك يا أبا بكر.
بالله دعني.
ويمسك أبو عبيدة بإحدى الحلقتين وينزعها من وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فسقطت ثنيته، ثم نزع الحلقة الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى فكان أبو عبيدة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ساقط الثنيتين، وقال فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» . وينزف دمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وسيدتنا فاطمة يلهمها الله أن تأتي بقطعة من حصير وتحرقها، وتأخذ