التراب الباقي من الحريق وتضمد به الجرح. إن الله لم يشأ أن يحرم رسوله لذة المجاهدة.
ويأتي أنس بن النضر ويجد الصحابة وفيهم عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله وقد ألقوا ما بأيديهم، فيسألهم أنس: ما يجلسكم؟ فيقولون: قُتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فيقول: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم استقبل القوم من المشركين فقاتل حتى قتِل.
هذه كلها مواقف لم تكن تأتي وتظهر إلا بهذه المعركة. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} أي اسمعوا. هذا محمد وهذه منزلته، هو رسول من الله جاء بعد عيسى بن مريم، وكان من الواجب أن نعلم أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مؤكد على بشريته. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ} .
وهل انقلب أتباع الرسل السابقين على أعقابهم حينما ماتت رسلهم؟ فكيف تكونون أقل شأنا من هذه الأمم؟ هبوا أن ذلك قد حدث، فلماذا لا يبقى الخير الذي بلغه فيكم رسول الله إلى يوم القيامة؟ الرجل الذي يكون قد صنع خيرا يموت بموته، أيكون قد صنع شيئا؟ لا؛ فالذي يريد أن يصنع خيرا فعليه أن يصنع خيرا يخلفه.
لذلك فالزعامات الفاشلة هي التي يكون الفرد فيها زعيما، ثم يموت ونبحث عن زعيم بعده فلا نجد ونتساءل: لماذا خنق الزعيم أصحابه وزملاءه؟ أكان خائفا منهم؟ ونظل نتمنى أن يكون قد ربَّى الزعيم أناسا، فإذا ما ذهب نجد من يخلفه، فلا يوجد إنسان يضمن حياته؛ لذلك يقول الحق:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل} .
وساعة تسمع القول الكريم:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} فهذا أسلوب اسمه أسلوب