يتكلم عن أمر يحتاج إلى فعل فهو سبحانه يأتي ب «نون العظمة» كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]
ولأن إنزال الذكر عملية عظيمة، فنأتي ب «نون العظمة» . لأننا سننزله بقدرة وسننزله بحكمة، وننزله بعلم وننزله ببصر، وننزله بقيومية، وننزله بقبض وننزله ببسط، فقوله:{إِنَّا نَحْنُ} فكأن نون العظمة تأتي هنا، لكن ساعة يتكلم سبحانه عن الذات العلية فهو يقول:«إنني أنا الله» . لم يقل إننا، ولكن في الإنزال يقول:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر}[القدر: ١]
لأن هذه عملية عظيمة جليلة؛ ف «نون العظمة» تأتي فيما يكون من شأنه حدث يٌفعل؛ وهذا الحدث الذي يٌفعل يحتاج لصفات كثيرة، ولذلك قلنا ساعة تبتدئ أيُّ عمل تقول:«بسم الله الرحمن الرحيم» لماذا؟ لأن العمل الذي ستعمله يحتاج إلى قدرة عليه، ويحتاج إلى علم قبل أن تعمله، ويحتاج إلى حكمة، أي أنه يحتاج إلى صفات كثيرة، فأنت تدخل على العمل باسم القادر الذي يُقْدِرُك؛ وباسم العليم الذي يعلمك، وباسم الحكيم الذي يحكمك.
وكل هذه الصفات ستتكاتف في إيراز العمل كي يرحمك حتى في الاستعانة، فلا يقول لك: هات الصفات كلها التي يحتاج إليها فعلك؛ لأن هناك صفات أنت لا تعرفها، فيقول لك: هات الاسم الجامع لكل صفات الكمال. قال:«باسم الله» ، وهي تضم كل صفات الكمال.
إذن فأنت تلاحظ انك إذا رأيت «نون العظمة» التي نسميها «نون الجمع» نجد أننا نقول: «نحن» للجماعة. أو للمتكلم الواحد حين يعظم نفسه، ولذلك نلاحظها حتى في قانون البشر، ألم يقولوا في الملكية:«نحن الملك» ، وهذه النون بالنسبة لله ليست نون الجماعة. إنما هو «نون العظمة» ، العظمة الجامعة لكل صفات الكمال التي يتطلبها أي فعل من الأفعال، لذلك قال سبحانه: {سَنُلْقِي فِي