للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا زمن زائل ينتهي، فثوابكم على الإيمان لا بد أن يكون في الآخرة لكي يكون ثوابا لاينتهي.

ونعرف ما حدث في بيعة العقبة الثانية؛ حينما أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على الأنصار عهوداً، قالوا: فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟ لم يقل لهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ستنتصرون أو ستملكون الدنيا، بل قال: «الجنة» قالوا: ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه، فلو وعدهم بأي شيء في الدنيا لقال له أي واحد فطن منهم: ما أهونها، لذلك عندما قال واحد لصاحبه: أنا أُحبك قدر الدنيا؛ فقال له: وهل أنا تافه عندك لهذه الدرجة؟ فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: إياكم أن تفهموا أن جزاء الإيمان يكون في الدنيا، لأنه لو كان في الدنيا لكان زائلاً ولكان قليلا كجزاء على الإيمان، لأن الإيمان وصل بغير منتهٍ وهو الله، فلا بد أن يكون الجزاء غير منتهٍ وهو الجنة، فقال: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ} . . وأخذ أهل اللمح من كلمة «توفون» أن هناك مقدمات؛ لأن معنى «وفيته أجره» أي أعطيته وبقي له حاجة وأكمل له، نعم هو سبحانه يعطيهم حاجات إيمان، ويكفي إشراقة الإيمان في نفس المؤمن، فالجواب لا بد أن يكون متمشياً مع منطق من يسمع هذه الآية؛ فقد يموت من يسمعها بعد قليل في معركة، وما دام قد مات في المعركة فهو لم ير انتصاراً، ولم ير غنائم ولا أي شي، فماذا يكون نصيبه؟ إنه يأخذ نصيبه يوم القيامة «توفون» فمن نال منها شيئاً في الدنيا بالنصر، بالغنائم، بالزهو الإيماني على أنه انتصر على الكفر فهذا بعض الأجر، إنما الوفاء بكامل الأجر سيكون في الآخرة، لأن كلمة التوفية تفيد أن توفية الأجور وتكميلها يكون في يوم القيامة، وأن ما يكون قبل ذلك فهو بعض الأجور التي يستحقها العاملون.

ويقول الحق: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ} عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرأوا إن شئتم: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَاز»

<<  <  ج: ص:  >  >>