وعندما تقول: زحزحت فلاناً، معناها أنه كان متوقفا برعب، فكيف يحدث ذلك عند النار؟ . ونعرف أن النار سببها المعصية، والمعصية كانت لها جاذبية للعصاة، ويأتي الإيمان ليشدهم فتأخذهم جاذبية المعصية، فكذلك يكون الجزاء بالنار. إذن فالنار لها جاذبية لأنها ستكون في حالة غيظ. . ولذلك يقول ربنا:{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ}[الملك: ٨]
النار تتميز من الغيظ على الكافرين. وما معنى تميز من الغيظ؟ أما رأيت قِدْراً يفور؟ ساعة يفور القدر فإن بعض الفقاقيع تخرج منه وتنفصل عما في القدر، وهذا «تميز» أي تفترق، والإنسان منا عندما يكون في حالة غيظ تخرج منه أشياء كفقاقيع غليان القدر إنه يرغي ويزبد أي اشتد غضبه، وهذه الفقاقيع تحرق من يقف أمامها أو يلمسها، وهي من شدة الفوران تميز بعضها وانفصل عن القدر، كذلك النار، ولماذا تميز من الغيظ؟ إنها تميز من الغيظ من الكافرين؛ لأنها أصلها مٌسبحة حامدة شاكرة، وبعد ذلك يقول لها الحق:{هَلِ امتلأت}[ق: ٣٠] وتقول {هَلْ مِن مَّزِيدٍ}[ق: ٣٠]
وذلك مما يدل على أن كلمة:{تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ} حقيقة؛ ولذلك يبين لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن النار لها جاذبية، فالنار إنما كانت نتيجة المعصية في الدنيا، والمعصية في الدنيا هي التي تجذب العصاة، يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذلك:«مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش والجنادب يَقعْن فيها وهو يذبّهُنّ عنها، وأنا آخذ بِحُجُزكم عن النار وأنتم تَفَلّتُون من يدي» انظر إلى التشبيه الجميل - حين توقد ناراً في خلاء فأول مظهر هو أن ترى الفراش والهوامّ والبعوض تأتي على النار، ولذلك يقولون: رُبّ نفس عشقت مصرعها.
لقد جاءت تلك الحشرات على أساس أنها جاءت للنور، إننا نرى ذلك عندما نٌشعِل موقداً في الخلاء فأنت تجد حوله الكثير من هذه الحشرات صرعى، تلك