إذن فلا يمكن لأحد أن يمكر على الله، وعبر القرآن عن صاحب السيئة بوصف هذه الزلة بكلمة «السوء» ، ولكنه وصف الشارد الموغل في الشرود عن منهج الله بأنه يفعل «السيئات» ، فهل ليس صاحب نقطة ضعف واحدة، لكنه يقترف سيئات متعددة، ويمعن في الضلال، ولا يقتصر الأمر على هذا بل يؤجل التوبة إلى لحظة بلوغ الأجل، بل إنهم قد لا ينسبون الخير الصادر منهم إلى الدين مثلما يفعل الملاحدة، أو الجهلة الذين لا يعلمون بأن كل خير إنما يأمر به الدين.
مثال ذلك مذهب «الماسونية» ، يقال: إن هذا المذهب وضعه اليهود، والظاهر في سلوك الماسونيين أنهم يجتمعون لفعل خير ما يستفيد منه المجتمع، وما خفي من أفعال قمة أعضاء الماسونية أنهم يخدمون أغراض الصهيونية، وقد ينضم إليهم بعض ممن لا يعرفون أهداف الماسونية الفعلية ليشاركوا في عمل الخير الظاهر. ونقول لكل واحد من هؤلاء: انظر إلى دينك، تجده يحضك على فعل مثل هذا الخير، فلماذا تنسبه إلى الماسونية ولا تفعله على أنه أمر إسلامي. ولماذا لا تنسب هذا الخير إلى الإسلام وتنسبه لغير الإسلام؟
وفي هذا العصر هناك ما يسمّى بأندية «الروتاري» ويأخذ الإنسان غرور الفخر بالانتماء إلى تلك الأندية، ويقول:«أنا عضو في الروتاري» وعندما تسأله: لماذا؟ يجيب: إنها أندية تحض على التعاون والتواصل والمودة والرحمة، ونقول له: وهل الإسلام حرم ذلك؟ لماذا تفعل مثل هذا الخير وتنسبه إلى «الروتاري» ، ولا تفعل الخير وتنسبه إلى دينك الإسلام؟ إذن فهذا عداء للمنهج.
ونجد الشاردين عن المنهج، مثلهم كمثل الرجل الذي قالوا له: ما تريد نفسك الآن؟ وأراد الرجل أن يحاد الله فقال: تريد نفسي أن أفطر في يوم رمضان، وعلى كأس خمر، وأشترى كأس الخمر هذه بثمن خنزير مسروق.
إنه يريد فطر رمضان وهو محرّم، ويفطر على خمر وهي محرمة، وبثمن خنزير والخنزير حرام على المسلم، والخنزير مسروق أيضا. وسألوه: ولماذا كل هذا التعقيد؟ فقال: حتى تكون هذه الفعلة حراماً أربع مرات.