للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن فهذه مضارة لله، وهذا رجل شارد عن المنهج. فهل هذا يتوب الله عليه؟ لا، {وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} وعند لحظة الموت يبدأ الجبن وتتمثل أخلاق الأرانب، ولماذا لم يصر على موقفه للنهاية؟ لأنه جاء إلى اللحظة التي لا يمكن أن يكذب فيها الإنسان على نفسه {إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} لكن التوبة لا تقبل، ولن ينتفع بها المجتمع، وشر مثل هذا الإنسان انتهى، وتوبته تأتي وهو لا يقدر على أي عمل، إذن فهو يستهزئ بالله؛ فلا تنفعه التوبة.

ولكن انظروا إلى رحمة الله واحترامه للشهادة الإيمانية التي يقر فيها المؤمن بأنه «لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله» .

هذا المؤمن جعله الله في مقابل الكافر، فيأخذ عذاباً على قدر ما فعل من ذنوب، ويأتي احترام الحق سبحانه لإيمان القمة لقوله: «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله» فيوضح سبحانه: لن نجعلك كالكافر؛ بدليل أنه عطف عليه {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} ، وإنما يقدر للمؤمن العاصي من العذاب على قدر ما ارتكب من معاصٍ، ويحترم الحق إيمان القمة، فيدخلون الجنة؛ لذلك لم يقل الحق: إنهم خالدون في النار. وإنما قال: {أولئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} و «أولئك» تعني الصنفين - المؤمن والكافر - فالعذاب لكل واحد حسب ذنبه.

ويقول الحق من بعد ذلك: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ ... } .

<<  <  ج: ص:  >  >>