للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بنتا. هذه البنت يسمونها «ربيبة» وزوج الأم الجديد سيُدخلها في حمايته وفي تربيته، وبذلك تأخذ مرتبة البنوة. والأمر هنا مشروط: {مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فما دام الرجل قد عقد على المرأة ولم يدخل بها تكون بنتها غير محرمة. أما العقد على البنت حتى دون دخول فإنه يحرم الأمهات.

{وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} أي زوجة الابن، وكلمة {مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} تدل على أنه كان يطلق لفظ «الأبناء» على أناس ليسوا من الأصلاب، وإلا لو أن كلمة «الأبناء» اقتصرت في الاستعمال على أولاد الإنسان من صلبه، لما قال: {أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} .

إذن كان يوجد في البيئة الجاهلية أبناء ليسوا من الأصلاب هم أبناء التبني، وكانت هذه المسألة شائعة عند العرب، فكان الرجل يتبنى طفلا ويلحقه بنسبه ويطلق عليه اسمه ويرثه. وجاء الإسلام ليقول: لا، لا يصح أن تنسب لنفسك من لم تنجبه، لأنه سيدخل في مسألة أخوة لابنتك مثلا، وسيدخل على محارمك، ولذلك أنهى الله هذه المسألة، وجاء هذا الإنهاء على يد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقد كانت المسألة متأصلة عند العرب.

ونعلم أن زيد بن حارثة خُطف من أهله، وبعد ذلك بيع على أنه رقيق، واشتراه حكيم بن حزام. وأخذته سيدتنا خديجة وبعد ذلك وهبته لسيدنا رسول الله. وصار زيد بن حارثة مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وعندما علم أهل زيد أن ولدهم الذي خُطف قديما موجود في مكة جاءوا إليها، فرأوا زيد بن حارثة، ولما سألوه أن يعود معهم قال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أنا أخيره بين أن يذهب معكم أو أن يبقى معي، انظروا إلى زيد بن حارثة كيف صنع به إيمانه وحبه لسيدنا رسول الله: قال: ما كنت لأختار على رسول الله أحداً.

وظل مع سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأراد الرسول أن يكرمه على العادة التي كانت شائعة فسماه «زيد بن محمد» وتبناه.

إذن فالمسألة وصلت إلى بيت النبوة. التبني وصل بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ،

<<  <  ج: ص:  >  >>