للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأراد الله أن ينهى هذه المسألة فقال سبحانه: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] .

هذا يدل على أن صرامة التشريع لا تجامل أحداً حتى ولا محمدا بن عبد الله وهو رسول، {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} .

وبعض الناس الذين يتسقطون للقرآن يقولون: إن رسول الله كان عنده إبراهيم وكان عنده الطيب وكان عنده القاسم، ونقول: أكان هؤلاء رجالا؟! لقد ماتوا أطفالا، والكلام {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} ، وهب أنهم كبروا وصاروا رجالا، أقال من رجالكم أم من رجاله؟ قال: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} أي لا يمنع أن يكون أبا أحد من رجاله، هو أبو القاسم وأبو الطيب وأبو إبراهيم هم أولاده فافهموا القول.

وهذه المسألة أخذت ضجة عند خصوم الاسلام والمستشرقين والحق سبحانه وتعالى وإن كان قد عدل لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فتعديل الله لرسوله يشرف رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن من الذي يعدل لمحمد؟ إنه الله الذي أرسله.

ويقول: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} . ومفهوم هذه العبارة أن المحرمة إنما هي حليلة الابن من الصلب. وقوله: {مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} يدل على أنه كان هناك أبناء ليسوا من الصلب، إذن فالتبني كان موجوداً قبل نزول هذا الحكم، وأراد الله أن يبطل عادة التبني، وكانت متغلغلة في الأمة العربية، فأبطلها على يد سيدنا رسول الله، لا مشرعا ينقل حكم الله فحسب، ولكن مطبقا يطبق حكم الله في ذاته وفي نفسه حتى يأخذ الحكم قداسته، ويجب أن نفطن إلى أن فكرة التبني كانت في ذاتها تهدف إلى أن ولداً نجيبا يلحقه رجل به ليعطيه كل حقوق أولاده كلون من التكريم.

ولذلك علينا أن نلحظ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تصرف بالكمال البشري

<<  <  ج: ص:  >  >>