إذن فقوله:{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ} أي من لم يستطع دخول الشيء في طوعه أو أن تطوله يداه، وهذا هو المقصود بالطول، «فطالته يده» يعني صار في استطاعته، وفلان تطول عليّ، أي تفضل عليّ بشيء، «وفلان تطاول عليّ» أي ما كان يصح أن يجتريء عليّ، وكلها من الطول، و «طولا» : تعني قدرة تطول به الزواج بمن تحب أي أنت لا تملك مالا ولا تستطيع الطول، فهناك مرحلة أخرى، لا داعي للحرة لأن مهرها غالٍ غالبا؛ فخذ من الإماء الأسيرات لأن مؤنتهن ونفقتهن خفيفة، وليس لها عصبة ولا أهل يجادلونك في المهر، فقال:{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} . . والذي نلمحه في الآية أن نكاح ما ملكت اليمين يكون لغير مالكها؛ لأن مالكها لا يحتاج ذلك، إنه يستمتع بها ويتغشاها؛ لأنها ملك يمينه وليست مملوكة للغير.
إذن فقد أباح الله للمسلم أن ينكح مما ملكت يمين غيره على شرط أن يكون ذلك بإذن مولاها؛ لأنها بالزواج تقتطع جزءاً من وقتها وخدمتها لمن يملك ورقبتها، فلا بد أن يُستَأذَن حتى يكون أمر انقطاعها إلى الزوج في بعض خدماته مما هو معلوم لأوليائهن، وأمر أيضا سبحانه ألا نستهين بأنها مملوكة ومهينة فلا نأتيها مهرها. بل يجب أن يُؤدي لهؤلاء مهورهن بما يعرف، أي بالمتعارف عليه؛ لأن ذلك عوض البضع، فإذا كان الحق قد أمر بأن نستأذن مواليهن وأمر بأن نأتيهن أجورهن، هنا بعض الإشكال لأَنَّ المملوكة لا تملك؛ لأن العبد وما ملكت يداه لسيده.
نقول له: نعم، ولكن إذا قلت: العبد وما ملكت يداه لسيده فلا بد أن تحقق لها ملكا أولا ثم يكون ما تملكه لسيدها. . أما أن تتعداها وتعطي المال لسيدها فإنها في هذه الحالة لم يتحقق لها مهر، فقولك: العبد وما ملكت يداه، أي أعطها فترة وفرصة لتكون مالكة بأن تُعطي الأجر تكريما لها، أما كون ما لها لسيدها فهذا موضوع آخر. وبعد ذلك تذهب لتتزوجها إن ذلك يصح، فهل نفهم من ذلك أنك إن استطعت طوْلا لا تنكح الإماء؟ لا. وهل هذا يقلل من شأن الإماء؟ لا. لماذا؟ انظر للحكم العالية التي لا يقولها إلا رب.
الله يريد أن يصفي مسألة الرق، فحين يأتي واحد ويتزوج أمة مملوكة لغيره