فأولادها يتبعونها في الرق. فالأولاد في الدين تتبع خير الأبوين، وفي الحرية والرق يتبع الأولاد والأم، فإذا ما تزوج إنسان أَمَةً مملوكة لغيره فأولادها الذين سيأتون يكونون عبيدا.
وحين يتركها لسيدها ويتزوج غيرها من الحرائر، فمن تلده من سيدها يكون حرا، إذن فسبحانه يريد أن يصفي الرق، هذه واحدة، الشيء الآخر أن الزواج: التقاء الذكر بالأنثى ليكونا نواة أسرة، فإذا ما كان الزوج والزوجة أكفاء. فالزوج لا يجد في نفسه تعاليا على الزوجة، والزوجة لا تجد في نفسها تعاليا على الزوج؛ لأن كل واحد منهما كفء للآخر، وهذه تضمن اتزان الحياة واتزان التعامل، لكن حين يتزوج واحد أمةً ليس لها أهل فقد يستضعفها وقد يستعلي عليها. وقد يذلها. وقد يعيرها، وحين يكون لها أولاد قد يقولون لهم: ليس لكم خال مثلا. والمشرع يريد أن يبني حياة أسرية متزنة، ولذلك اشترط الكفاءة، وقال:{والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ والطيبات لِلطَّيِّبِينَ}[النور: ٢٦] .
وبعض من الناس تفهم عندما ترى طيبة فلا بد أن يتزوجها رجل طيب، نقول لهم: إن هذا تشريع والتشريع تكليف وعرضة أن يطاع وعرضة أن يعصى، فسبحانه حين يشرع أن الطيبات يكن للطيبين والخبيثات للخبيثين، فإن طبقتم التشريع تكون المسائل مستقيمة، وهذا يحمل الرد على من يقولون: ما دام ربنا يقول: {والطيبات لِلطَّيِّبِينَ} فكيف يتزوج فلان بفلانه وأحدهما طيب والآخر خبيث؟
ونقول: إن هذا الحكم ليس في قضية كونية حادثة، بل هو قضية تشريعية تقتضي منا أن نتبعه وأن نجعل الطيبين للطيبيات والخبيثين للخبيثات ليتحقق التوازن. فإن كان خبيثا وقال لها: أنت كذا وكذا تقول له: أنت كذا وكذا. فلا يقول هذه كي لا تقول له مثلها، أما الإنسان الطيب فهو يلين جانبه مرة وهي طيبة وتلين جانبها مرة.
{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات} كلمة {المحصنات} تعني هنا الحرائر؛ لأنها لو كانت متزوجة فلن تكون محل تزويج لآخر. {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} وكلمة «فتى» نطلقها في الحر على من له