في جيبه، ثم ضاع الجنيه، وليس في بيته إلا هو؛ لذلك يحزن جداً على ذلك الجنيه. لكن من يضيع منه «جنيه» وعنده في البيت خمسة «جنيهات» فالمصيبة تكون خفيفة، كذلك من فقد أسبابه فعليه أن يخفف الأمر على نفسه فلا ييأس، فَلِمَ يقتل نفسه؟ الله يقول في الحديث القدسي:
«بادَرَني عبدي بنفسه حرمت عليه جنتي» .
وهل أنت من وهبت الحياة لنفسك؟ لا، ولذلك فواهب الحياة هو الذي يأخذها، ومن ينتحر لا يدخل الجنة، لأنه لم يتذكر أن له إلهاً. ولنذكر هنا موقف قوم موسى عليه السلام عندما خرجوا، وطاردهم قوم فرعون. فماذا قال قوم موسى؟ قالوا:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١] .
وهذا كلام صحيح فأمامهم البحر ومن ورائهم فرعون، وهم قد قالوا ذلك بأسبابهم وبشربتهم. لكن ماذا قال سيدنا موسى. {قَالَ كَلاَّ}[الشعراء: ٦٢] .
و «كلا» هذه نفي، وكيف يقول موسى:«كلا» وما رصيدها؟ إنه لم يقل:«كلا» ببشريته، ولكن قالها برصيده من الإيمان بالإله العظيم فقال:
{قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} .
إذن فقوله:{وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} أي ولا يقتل كل واحد منكم نفسه؛ لأنك لا تقتل نفسك إلا إذا ضاقت أسبابك عن مواجهة ما تعانيه، وهذا يدل على أنك