الحلقة الجامعة لأعمال الحياة؛ فالتاجر هو وسيط بين من ينتج سلعة ومن يستهلكها. والسلع في حركتها إنتاج واستهلاك. والإنتاج قد يكون زراعيا أو صناعياً أو خدمياً. إذن فالتجارة جامعة لذلك كله.
وكلمة {عَن تَرَاضٍ} تدل على أن رضا النفس البشرية في الأعواض مشروط، حتى ما أخذ بسيف الحياء يكون حراما؛ لذلك أقوال: على كل واحد أن يغربل إيمانه، وينظر هل حياته في أعواض الأموال وأعواض التجارة وأعواض المبادلات مستوية أو غير مستوية؟ فإن لم تكن مستوية؛ فعلية أن يفكر فيها قليلاً حتى يُعطي كل ذي حق حقه. وحتى لا يدخل في دائرة حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها» .
ويتابع الحق:{وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} وهنا أيضاً مقابلة جمع بجمع، ويعني: لا يقتل كل واحد منكم نفسه، وهذا ما يفعله المنتحر - ولا يقتل نفسه إلا إنسان وجد نفسه في ظرف لا يستطيع في حدود أسبابه أن يخرج منه. ونقول له: أنت نظرت لنفسك كإنسان معزول عن خالق أعلى، لكن المؤمن لا يعزل نفسه عن خالقه؛ فساعة يأتيه ظرف فوق أسبابه ولا يقوي عليه فعليه أن يفكر: وهل أنا في الكون وحدي؟ لا، إن لي ربّاً. وما دام لي رب فأنا لا أقدر وهو - سبحانه - يقدر، وهنا يطرد فكرة الانتحار؛ لأن المنتحر هو إنسان تضيق أسبابه عن مواجهة ظروفه فيقتل نفسه.
وإن فائدة الإيمان أنه ساعة يأتي ظرف عليك وتنتهي أسبابك تقول: إن الله لن يخذلني وهو يرزقني من حيث لا أحتسب، ويفتح لي أبواباً ليست في بالي، وضربنا مثلاً كي نقرب المعنى، وقلنا: هب أن إنساناً يسير في الطريق ومعه «جنيه واحد»