للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى تثمر. . إذن فطول مدة الطفولة وعدم النسل للمثل يتوقف على المهمة الموكلة للشيء، فإن كانت مهمته كبيرة، تكن مدة طفولته أطول.

والله سبحانه وتعالى يريد أن يوسع دائرة الإحسان. فإياك أن تقتصر على الوالدين فقط أو أصحاب القربى فقط. خذ في الدائرة أيضاً «اليتيم» ، لأن اليتيم فقد أباه، ثم يرى كثيراً من زملائه وأقربائه لهم آباء، ولو لم يوصّ الحق سبحانه وتعالى بهذا اليتيم لنشأ هذا الولد وفي قلبه جذوة من الحقد على المجتمع، وقد يتمرد على الله، ويتساءل: لماذا لا يكون لي أب وكل واحد من أقراني له أب يأتيه بحاجته، لكن حين يرى أنه فقد أباً واحداً ثم وجد في الجو الإيماني آباء متعددين فهو لا يسخط على أن الله أمات أباه.

إن الذين يخافون أن يموتوا ويتركوا من بعدهم ذرية ضعافا، عليهم بالإحسان إلى اليتيم. فلو رأى الواحد منا يتيماً يُكَرم في بيئة إيوة إيمانية لما شغل نفسه ولما خاف أن يموت ويترك ولداً صغيراً، بل يقول الإنسان لنفسه: إن المجتمع فيه خير كثير، وبذلك يستقبل الإنسان قدر الله بنفس راضية، ولا يؤرق نفسه، وهذه مسألة تشغل الناس فنقول لكل إنسان قادر: إذا كنت في بيئة إيمانية. واليتيم يجد رعاية من آباء إيمانيين متعددين فسينشأ اليتيم وليس فيه حقد؛ ولذلك يقول الحق: {وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ الله وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} [النساء: ٩] .

لأنك إن رأيت المجتمع الإيماني قد رعى أيتام غيرك فستكون على ثقة من أنه يرعى أيتامك، فإن جاء الموت أو لم يأت فلا تشغل نفسك به، لكن إذا رأى الإنسان يتيماً مضيعاً، فهو يعض على أسباب الحياة ويريد أن يأتي بالدنيا كلها لولده، ونقول لمثل هذا الأب: اعمل لابنك بأن تضع ما تريد أن تدخره له في يد الله؛ لأن الذي خلق آمن من المخلوق؛ ولذلك قلنا من قبل: إن سيدنا معاوية وسيدنا عمرو بن العاص كانا يجلسان - في أخريات حياتهما - يتكلمان معاً، فيقول عمرو بن العاص لمعاوية: يا أمير المؤمنين: ماذا بقي لك من متع الدنيا؟ قال معاوية: أما الطعام فقد سئمت

<<  <  ج: ص:  >  >>