والحق سبحانه وتعالى يوضح: أن حال هؤلاء سيكون فظيعاً حينما يأتي يوم العرض يوم القيامة، ويقولون: إننا بلغناكم، أو الحق سبحانه وتعالى عرض هذه المسألة بالنسبة للرسل وأممهم، وبالنسبة لسيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأمته أو للأمم كلها، فنحن أيضاً سنكون شهداء:{لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً}[البقرة: ١٤٣] .
وهذه ميزة لأمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأن أمة محمد هي الأمة الوحيدة التي أمنها الله على أن يحملوا المنهج إلى أن تقوم الساعة، فلن يأتي أنبياء أبداً بعد رسول الله، فيقول:{لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً} إذن فنحن بنص هذه الآية أخذنا امتداد الرسالة.
عن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«اقرأ عليّ القرآن فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ .
قال: نعم إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً} فقال: حسبك، فإذا عيناه تذرفان الدموع» .
فإذا كان الشهيد بكى من وقع الآية فكيف يكون حال المشهود عليه؟ الشهيد الذي سيشهد بكى من الآية، نعم؛ لأنك تعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ملئ قلبه رحمة بأمته؛ ولذلك قلنا: إن حرص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أمته جعل ربه يعرض عليه أن يتولى أمر أمته، بعد أن علم سبحانه مدى عنايته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهذه الأمة:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء: ٣] .