ولكن يجب أن نفطن إلى أن الحق سبحانه وتعالى حينما يرسل قضية عقدية في الكون فيخالفها مخالف يظن أنه يضار الله، نقول له: لا أنت تفعل ذلك لشهوة في نفسك. لكن الحق سيجعلها لنصرة الدين الخاتم، وتكون أنت مغفلاً في هذا الموقف. فإياك أن تظن أنك قادر أن تصادر مرادات الله حين كذبت بمحمد وجعلك ربنا تقول هذه الكلمة للمشركين من قريش، فانتظر ماذا ستفعل هذه الكلمة؟ . لكي تعرف أنت بإنكارك ماذا قدمت للإيمان. أنت فهمت أنك صادمت الإيمان. لا. أنت أيدت ونصرت الإيمان لكن بتغفيل! وعليك وزر.
فلما جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأعلن دعوته من ربه. قال العرب المشركون الوثنيون: إن هذا النبي هو الذي توعدتنا به اليهود، فهيا نسبق إلى الإيمان به قبل أن يسبقونا.
إذن أخدموا الإيمان أم لا؟ . لقد خدموا الإيمان. إذن فلا يظنن عاصٍ إنه يقدر أن يطفيء نور الله؛ لأن الله يتم نوره ولو كره الكافرون. ومثال لذلك عندما غير ربنا القبلة ويوضح: يا محمد أنا أعرف أنك مستشرف ومتشوق إلى أن تتوجه إلى الكعبة، وأنا قد وجهتك أولاً لبيت المقدس لمعنى. ولكن أنا سأوجهك للكعبة وعليك أن تلاحظ أنني حين أوجهك إلى الكعبة سيقول السفهاء «وهم اليهود» : {مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢] .
فهم يتساءلون: ما الذي جعلهم يتركون القبلة التي كانوا عليها؟ فإن كانت قبلة إبراهيم هي الكعبة فلماذا لم يتجه إليها من أول الأمر؟ هم سيقولون هذا الكلام. ونزل به قرآن يتلى ويسجل. ومن تغفيلهم ساعة تغيرت القبلة قالوا ذلك القول أيضاً، ولم يلتفتوا إلى أن الحق قال من قبل: