أن يخون فلا تجادل عنه، ولماذا طلب بنو ظفر التغاضي عن جريمة مسلم وإلصاقها بيهودي؟ أيستخفون من الناس ولا يستخفون من الله؟ وافرض أن هذه برأتهم عند الناس. أتبرئهم عند الله؟ ويقول في آية أخرى:{هَا أَنْتُمْ هؤلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحياة الدنيا فَمَن يُجَادِلُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ القيامة}[النساء: ١٠٩] .
إذن فقول الحق سبحانه وتعالى:{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الناس أَن تَحْكُمُواْ بالعدل} لا بد أن نأخذه على أنه مطلب تكليفي من الله للمسلمين حتى يشيع في كل الناس ولا يخص المؤمنين يتعاملون به فيما بينهم، وإنما يشمل أيضا ما بين المؤمنين والكافرين، وما بين الكافرين بعضهم مع بعض إن ارتضوا حكم رسول الله.
{إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} وحين ترون تذييل آية بصفتين من صفات الحق أو باسمين من أسماء الحق، فلا بد أن تعلموا أن بين الصفتين أو بين الاسمين وبين متعلق الآية علاقة، وهنا يعلمنا الحق أنه سميع وبصير. بعد أداء الأمانة، والحكم بالعدل بين الناس، لأن الرسول شرح ذلك حين أمر من يقضي بين الناس أن يسوي بين الخصمين في لحظى ولفظه أي لا ينظر لواحد دون الثاني، ولا يكرم واحداً دون الآخر، فيسوي بين الاثنين وما دام سيسوي بين الاثنين، فلا بدْ أن تكون النظرة واحدة، والألفاظ واحدة.
روى أن يهوديا خاصم سيدنا عليا بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فنادى أمير المؤمنين عليا فقال:«قف يا أبا الحسن» فبدا الغضب على عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فقال له عمر:«أكرهت أن نسوي بينك وبين خصمك في مجلس القضاء؟ فقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:» لا.
لكني كرهتُ منك أن عظمتني في الخطاب فناديتني بكنيتي ولم تصنع مع خصمي اليهودي ما صنعت معي «.
إذن فحين يقول عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لأبي موسى الأشعري:» آسِ بين الناس في مجلسك ووجهك «.