للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقاتلاً.

فكما أن الشهداء لهم فضل؛ فالذين بقوا بدون استشهاد لهم فضل. فالإسلام يريد أدلة صدق على أن دعوته حق، وهذه لا يثبتها إلا الشهداء.

لكن هل يمكن أن نصبح جميعاً شهداء؟ ومن يحمل منهج الله إلى الباقين؟ إذن فنحن نريد من يبقى ومن يذهب للحرب، فهذاله مهمة وهذا له مهمة، ولذلك كانت «التقية» وهي أن يظهر رغبته عن الإسلام ويوالي الكفار ظاهرا وقلبه مطئمن بالعداوة لهم انتظاراً لزوال المانع وذلك استبقاء لحياته كي يدافع ويجاهد في سبيل الله.؟ وسببها أن الإسلام يريد من يؤكد صدق اليقين في أن الإنسان إذا قتل في سبيل الله ذهب إلى حياة أفضل وإلى عيش خير، هذا يثبته الشهيد. ولذلك فالحق سبحانه وتعالى عندما تأتيهم غرغرة الشهادة يريهم ما هم مقبلون عليه، فيتلفظون بألفاظ يسمعها من لم يقبل على الشهادة؛ فهناك من يقول: هبي يا رياح الجنة، ويقول كلمة يتبين منها أن ينظر إلى الجنة كي يسمع من خلفه، ومفرد شهداء، إما شهيد وهو الذي قتل في سبيل الله، وإمّا هي جمع شاهد، فيكون الشهداء هم الذين يشهدون عند الله أنهم بلغوا من بعدهم كما شهد رسول الله أنه بلغهم.

والمعاني كلها تدور حول معنى أن يشهد شيئاً يقول به وبذلك نعرف أننا نحتاج إلى الاثنين: من يقتل في سبيل الله، ومن يبقى بدون قتل في سبيل الله؛ لأن الأول يؤكد صدق اليقين بما يصير إليه الشهيد، والثاني يُعطينا بقاء تبليغ الدعوة فهو شاهد أيضاً: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس} [البقرة: ١٤٣] .

و «الصالحين» والصالح هو المؤهل لأن يتحمل لأن يتحمل مهمة الخلافة الإيمانية في الأرض. فكل شيء يؤدي نفعاً يتركه على حاله، وإن أراد أن يزيد في النافع فليرق النفع منه، فمثلاً: الماء ينزل من السماء، وبعد ذلك يكون جداول، ويسير في الوديان، وتمتصه الأرض فيخرج عيوناً، فعندما يرى عيناً للمياه فهو يتركها ولا يردمها فيكون قد ترك الصالح على صلاحه، وهناك آخر يرقى النفع من تلك النعمة فيبني حولها كي يحافظ عليها. إذن فهذا قد أصلح بأن زاد في صلاحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>