للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربه، فلا بد أن يكون كيده ضعيفاً جداً بالقياس لكيد الله، وليس للشيطان سلطان يقهر قالب الإنسان على فعل، ولا يستطيع أن يرغمك على أن تفعل، وليس له حجة يقنعك بها.

والفرق بين من يكره القالب - قالبك -: أنك تفعل الفعل وأنت كاره. كأن يهددك ويتوعدك إنسان ويمسك لك مسدساً ويقول لك: اسجد لي - مثلاً - إذن فقد قهر قالبك. لكن هل يقدر أن يقهر قلبك ليقول: «أحبني» ؟ . لا يمكن. إذن فالمتجبر يستطيع أن يكره القالب لكنه لا يقدر أن يقهر القلب، فالذي يقهر القلب هو الحجة والبرهان، بذلك يقتنع أن يفعل الفعل وليس مرغماً عليه. إذن فالأول يكون قوة، والثاني يكون حجة.

والحق سبحانه وتعالى يوضح لنا: اعرفوا أن هذا الشيطان ضعيف جداً، فهو لا يملك قوة أن يرغمك فإذا أغواك تستطيع أن تقول له: لن أفعل. . ولا يستطيع أن يأتي لقلبك ويقول لك: لا بد أن تفعل ويحملك على الفعل قهرا عنك. فليس عنده حجة يقنعك بها لتفعل، فهو ضعيف، فلماذا تطيعونه إذن؟ . إنكم تطيعونه من غفلتكم وحبكم للشهوة، والشيطان لا يقهر قلبكم، ولا يقهر قالبكم. بل يكتفي أن يشير لكم!! ، ولذلك سيقول الشيطان في حجته يوم القيامة على الخلق: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} [إبراهيم: ٢٢] .

أي لم يكن لي عليكم سلطان: لا سلطان قدرة أرغمكم على فعلكم بالقالب، ولا سلطان حجة أرغمكم على أن تفعلوا بالقلب، أي أنتم المخطئون وليس لي شأن، إذن فكيد الشيطان ضعيف. و «الكيد» - كما نعرف - هو: محاولة إفساد الحال بالاحتيال، فهناك من يفسد الحال لكن ليس بحيلة، وهناك من يريد أن يفسدها بحيث إذا أمسكت به يقول لك: لم أفعل شيئاً؛ لأنه يفعل الخطأ في الخفاء.

ويفسد الحال بالاحتيال. والكيد لا يقبل عليه إلا الضعيف.

إن القوي هو من يواجه من يكيد له، فالذي يدسّ السّم لإنسان آخر في القهوة -

<<  <  ج: ص:  >  >>