لكنه عرف حدوده ولزمها فقال:{إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين}[ص: ٨٣] .
أي أن من تريده أنت يا رب لا أقدر أنا عليه. وهذه تدلنا على أن المعركة ليست بين إبليس وبين الله، فتعالى الله أن يدخل معه أحد في معركة، بل المعركة بين إبليس وبين الخائبين من الخلق، فعندما قال:{فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} دلّ على أنه عرف كيف يُقْسِم ويحلف؛ لأن ربنا لو أراد الناس كلهم مؤمنين لما قدر الشيطان أن يقرب من أحد، لكن ربنا عزيز عن خلقه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
ومن هنا دخل الشيطان، فالشيطان قد دخل من عزّتك على خلقك سبحانك لأنك لو كنت تريدهم كلهم مؤمنين لما استطاع الشيطان شيئاً، بدليل قوله:{إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} أي أنا لا أقدر عليهم. ودلّ قَسَم الشيطان أنه دارس ومنتبه لمسألة دخوله على العباد فقال:{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم}[الأعراف: ١٦] .
إذن فالشيطان لن يأتي على الصراط المعوجّ؛ لأن الذي يسير على الصراط المعوج والطريق الخطأ لا يريد شيطاناً؛ فهو مريح للشيطان، ويعينه على مهمته، فيكون وليّه. فأولياء الشيطان هم كل المخالفين للمنهج، وهم نصراء الشيطان.
والحق يأمرنا:{فقاتلوا أَوْلِيَاءَ الشيطان} . هؤلاء الذين بينهم وبين الشيطان ولاء، هذا ينصر ذاك، وذاك ينصر هذا، ويطمئننا الحق على ذلك فيقول:{إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفا} ؛ لأن الشيطان عندما يكيد سيكون كيده في مقابل كيد