لكن إن أطلقت كلمة الطاعة فهي تنصرف إلى طاعة العبد لله، وهذه أسلم أنواع الطاعات، لماذا؟
لأن أمر كل آمر، أو نهي كل ناهٍ؛ قد يشكك فيه أنّه أمرك بكذا ليعود عليه بالفائدة، أو نهاك عن كذا ليعود عليه بالفائدة، لكن إذا كان الذي طلب منك هو في غني عن عملك وعن انتهائك، فهذه مسألة لا يكون فيها شبهة، فالذي يشكك الإنسان في الطاعة هو المخافة أن يكون الطالب قد طلب أمراً يعود عليه بالمنفعة، أو نهي عن أمر يعود على الناهي بالمنفعة أو يدفع عنه مضرّة. لكن إذا كان الطالب له كل صفات الكمال المطلق قبل أن توجد أنت، فوجودك وعملك وعدم عملك لا يعود عليه بشيء، فتكون هذه هي أسلم أنواع الطاعة.
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله. .» .
إن المنافقين هم الذين يتعبهم وجود نور لأنهم ألفوا الحياة في ظلام، ويرهقهم وجود عدل؛ لأنهم استمرأوا الحياة في المظالم، لذلك فهم يحاولون أن يتصيدوا شيئاً ليقفوا في أمر هذه الدعوة، فقالوا: أما سمعتم لصاحبكم.
إنه قارب الشرك. . يقول: لا تعبدوا إلا الله ومع ذلك يريد أن يجعل من نفسه رباً له حب وله طاعة.
وينزل الحق على رسوله قوله:«من يطع الرسول فقد أطاع الله» .
إذن فالطاعة هنا ليست ذاتية للرسول؛ لأنها إما بلاغ عن الله في النص الجزئي، وإما بلاغ عن الله في التفويض الكلي، وما دامت بلاغا من الله في التفويض الكلي فيكون الله قد أمنه أن يشرع:«من يطع الرسول فقد أطاع الله» .
ما هو مقابل الطاعة؟ . إنه التوليّ والعصيان، ورأينا الناس تنقسم تجاه الرسول إلى قسمين: قسم يطيعه في «افعل ولا تفعل» ، وما لم يرد فيه: «افعل