ولا تفعل» ؛ فهو داخل في حكم المباحات؛ إن شئت فعلته وإن شئت لم تفعله؛ فالذين يستجيبون للرسول أي يطيعونه في «افعل ولا تفعل» هم من أقبلوا على المنهج. والذين لا يطيعونه فقد «تولوا» أي أعرضوا وصدّوا.
انظروا إلى الحق سبحانه وتعالى كيف يحمي نفسية الرسول فيقول سبحانه:{وَمَن تولى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} فالذي يتولى ولا يطيع الرسول، فالحق لم يرسلك يا محمد لترغمهم على الإيمان.
وهناك فرق بين «أرسلناك لهم» أو «أرسلناك إليهم» و «أرسلناك عليهم» . ف «أرسلناك لهم» تعني أنك تبلغ فقط، إنما «عليهم» فهي تعني لتحملهم على كذا، أي يجب أن تنتبه يا محمد إنا أرسلناك للناس - لا على الناس - لتبلغهم، فمن شاء فليطع ومن شاء فليعص، فلا تجهد نفسك وتظن أننا أرسلناك عليهم لترغمهم على أن يؤمنوا، فتكلف نفسك أمراً ما كلفك الله به:{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ}[البقرة: ٢٧٢] .
وفي آية أخرى يقول:{وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}[ق: ٤٥] .
«جبار» يعني تجبرهم على أن يطيعوا. فالإجبار يتنافى مع التكليف ويتنافى مع دخول الإيمان طواعية ويتنافى مع الاختيار. {فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} والحفيظ هو: الحافظ بمبالغة، تقول مثلاً: هذا حافظ مال فلان، وهذا حفيظ مال الناس جميعاً يعني عنده مبالغة في الحفظ، إذن فالمبالغة جاءت في تكرير الحدث فهو يحفظ