ملصق في قريش ولم أكن من أنفسهم ليس لي بها عصبية ولي بين أظهرهم ولد وأهل فأحببت أن أتقدم إلى قريش بيد تكون لي عندهم يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال له النبي: قد صدقت.
إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يبني القضايا الإيمانية وخاصة ما يتعلق بأمر المؤمنين مع أعدائهم على الصدق، ولا يستقيم الأمر أن يفشي ويذيع كل واحد الكلام الذي يسمعه، بل يجب أن يردوا هذا الكلام إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإلى أولى الأمر لأنهم هم الذين يستنبطون ما يناسب ظرفهم من الأشياء، ربما أذنوا لكم في قولها، أو أذنوا بغيرها إذا كان أمر الحرب والخداع فيها يستدعي ذلك. وهذا يدل على أن الحق سبحانه وتعالى وإن كان قد ضمن النصر والغلبة لهم وأوضح: أنا الوكيل وأنا الذي أنصر ولا تهابوهم، إلا أنه سبحانه يريد أن يأخذ المؤمنون بالأسباب. . وبكفايتهم به على أنه هو الناصر.
{وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً} وهذا يدل على أن هذه المسألة قد حدثت منهم ولكن فضل الله هو الذي سندهم وحفظهم فلم يجعل لهذه المسألة مغبة أو عاقبة فيما يسؤوهم. {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً} ونعرف أنه كلما جاء فعل من الأفعال وجاء بعده استثناء. فنحن ننظر: هل هذا الاستثناء من الفاعل أو من الفعل؟ . . وهنا نجد قوله الحق:{لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً} فهل كان اتباع الشيطان قليلاً أي اتبع الشيطان قلة وكثيرون لم يتبعوا الشيطان. فهل نظرت إلى القلة في الحدث أو في المحدِث للحدث؟ . فإن نظرت إلى القلة في الحدث فيكون: لاتبعتم الشيطان إلا اتباعاً قليلاً تهتدون فيه بأمر الفطرة، وإن أردت القلة في المحدث:{لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً} أي إلاَّ نفرا قليلا منكم سلمت فطرتهم فلا يتبعون الشيطان.
فقد ثبت أن قوماً قبل أن يرسل ويبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جلسوا ليفكروا فيما عليه أمر الجاهلية من عبادة الأوثان والأصنام، فلم يرقهم ذلك، ولم يعجبهم، فمنهم من صَدّ عن ذلك نهائياً، ومنهم من ذهب ليلتمس هذا العلم من مصادره في البلاد الأخرى، فهذا «زيد بن عمرو بن نفيل» ، وهذا «ورقة بن