للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالذي صنع الكرسي - ولله المثل الأعلى - ألا يعرف أن الكرسي مصنوع من الخشب، ونوع الخشب «زان» أو «أرو» أو «مجنة» ، وأن المسمار الذي يربط الجزء بالجزء إما مسمار صلب وإما من معدن آخر، وكذلك يعلم صانع الكرسي أي صنف من الغراء استعمل في لصق أجزاء الكرسي، وكذلك مواد الدهان التي تم دهن الكرسي بها.

إذن فقول الحق: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير} لا يحتاج إلى جدال ولذلك نجد النَّجار الذي يرغب أن تكون صنعته مكشوفة واضحة يقول للمشتري:

سوف أصنع الكرسي من خشب الزان وعليك أن تمر يومياً لترى مراحل فعله.

ويبدأ صناعة الكرسي مرحلة مرحلة تحت إشراف الزَّبون. وكذلك يعرف البدوي كيف يتكون الرحل. وهو ما يوضع على ظهر البعير للركوب، العربي يعرف كيف يتكون الفسطاط وهو بيت يتخذ من الشَّعْرِ. وقد جاء سبحانه بما يدحض أي جدل، وبدون الدخول في أية مهاترات أو مناقشات لها مقدمات ونتائج ومقدم وتال. جاء الحق بهذا القول الفصل: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير} [الملك: ١٤] .

هو يعلم وهذا أمر سهل عليه، ولذلك أتعجب كيف أدخل هؤلاء العلماء هذه المسألة في متاهة فلسفية، فالإسلام دين الفطرة.

ولذلك نجد العلماء الذين ناقشوا هذه المسألة - جزاهم الله خيراً - جاءوا في آخر مطافهم، وقالوا:

نهاية إقدام العقول عِقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قِيلَ وقالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>