وأنا أريد أن أعرف ماذا قدمت الفلسفة النظرية للدنيا من خير؟ . لقد انفصلت عنها الفسلفة المادية ودخلت المعمل وأخرجوا لنا الابتكارات التي انتفع بها الخلق، فماذا فعلت الفلسفة النظرية؟ . لا شيء. ونقول: جاء الإسلام بالعقيدة الفطرية، ومعنى العقيدة الفطرية أن الناس فيها سواء، فالأدلة العقلية تقتضي الوضوح لمن تَعَلَّم ولمن لم يتعلم.
والفلاسفة هم الذين قالوا: بأدلة الغاية وأدلة العناية وأدلة القصد. لكن البدوي الذي سار في الصحراء وجد بعر البعير ووجد الرمل وعليه أثر قدم، فقال: إذا كانت البعرة تدل على البعير والقدم تدل على المسير أفلا يدل كل ذلك على اللطيف الخبير؟ . هو لم يدخل في فلسفة أو متاهة مثلما دخل الفلاسفة مع بعضهم في متاهات عقلية وحلها البدوي في جملة واحدة. وكذلك نجد واحداً من الناس يسأل واحداً من أهل الإشراق: ألا تشتاق إلى الله؟ . فيقول له: إنّما يُشتاق إلى غائب، ومتى غاب الله حتى يشتاق إليه؟!
لذلك نقول لمن اختلفوا في أمر رد الله لهؤلاء: نريد أن نكرم عقولكم وننظر لماذا اختلفتم في هذه الحكاية {أَرْكَسَهُمْ بِمَا كسبوا} .
نقول مع حسن الظن بهم، إن كل واحد منهم تعصب لصفة من صفات الحق، فواحد منهم يقول:{الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فنقول له: أنت قد تعصبت لصفة القدرة وطلاقتها في الحق.
وجاء ثانٍ وقال: ولكن الله عادل. ولا يمكن أن يخلق في الكافر كفره ثم يعذبه عليه. إنّه متعصب لصفة العدل. وكل منهما ذاهب إلى صفة واحدة من صفات الحق. وتناسي الاثنان أن هذه الصفات إنما هي لذاته - تعالى - فسبحانه قادر وعادل معاً.
فلا هذه تفلت منه ولا تلك.
ونقول لمن يقول: إنه الله خالق كل شيء وخالق كل فعل. ما الفعل؟ . الفعل هو توجيه جارحة لإحداث حدث، فالذي يمسح وجهه بيديه يوجه يديه لوجهه حتى يمسحه، وهذ الفعل لا يفعله صاحب الفعل، ودليلنا على ذلك الإنسان الآلي