في الاعتقاد. والمسلم مطلوب منه أن يعلن كلمة الله، وأن يقف في وجه من يقاوم إعلانها، ولكن الإسلام لا يفرض العقيدة بالسيف، إنما يحمى بالسيف حرية المعتقد، فالحق يقول:{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابتغآء القوم} أي لا تضعفوا في طلب القوم الذين يحاربون الإسلام، والابتغاء هو أن يجعل الإنسان شيئاً بغية له، أي هدفاً وغاية، ويجند لها كل تخطيطات الفكر ومتعلقات الطاقة، كأن الإنسان لا يرد القوم الكافرين فقط ساعة يهاجمون دار الإسلام، ولكن على المسلم أن يبتغيهم أيضاً امتثالاً لقول الله:{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابتغآء القوم} . فعلى المسلمين أن يُعْلُوا كلمة الله، ويدعوا الناس كافة إلى الإيمان بالله. وهم في هذه الدعوة لا يفرضون كلمة الله، لكنهم يرفعون السيف في وجه الجبروت الذي يمنع الإنسان من حرية الاعتقاد. إن على المسلمين رفع الجبروت عن البشر حتى ولو كان في ذلك مشقة عليهم لأن الحق قال:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ}[البقرة: ٢١٦]
وقد خلق الله في المؤمن القدرة على أن يبتغي عدو الإسلام ليرفع الجبروت عن غيره من البشر، صحيح أن الحرب مسألة مكروهة من البشر وليست رحلة سهلة، ولكنها أحياناً تكون واجبة، والذين أدركوا الحرب العالمية الثانية عرفوا أن «تشرشل» جاء رئيسا لوزراء بريطانيا بعد «تشمبرلن» الذي عرف عنه أنه رجل سلام، وحاول «تشمبرلن» أن يماطل ويلوح بالسلام مع ألمانيا حتى تستعد انجلترا بالحرب، وعندما استعدت انجلترا أعلن «تشمبرلن» أن سياسته غير نافعة، وجاء «تشرشل» وقاد دفة الحرب، وقال للإنجليز:
- انتظروا أياماً سوداء وانتظروا الجوع.
لقد قال تشرشل ذلك للإنجليز، حتى إذا ما جاء الواقع بأقل من قوله، فهم يستبشرون ويفرحون.
إن الحرب ترهقهم أيضاً كما ترهقكم، لكنكم أيها المؤمنون تمتازون على الكافرين بما يلي:{وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً} . فأنتم