للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمامك. . وإنما يرجع إلى الروح التي لا تستطيع أن تدركها إلا بآثارها. . فإذا خرجت الروح ذهبت الحياة وأصبح الجسد رمة.

إذا كانت هذه الروح التي في جسدك. . والتي تعطيك الحياة لا تستطيع أن تدركها مع أنها موجودة داخلك. . فكيف تريد أن تدرك الله سبحانه وتعالى. . كان يجب أولا أن تسأل الله أن يجعلك تدرك الروح التي في جسدك. . ولكن الله سبحانه وتعالى قال إنها من أمر الله. . واقرأ جل جلاله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: ٨٥]

إذا كانت هذه الروح هي مخلوقة لله لا تدركها. . فكيف تطمع أن ترى خالقها. . وانظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله سبحانه. {حتى نَرَى الله جَهْرَةً} . . فكلمة نرى تطلق ويراد بها العلم. مثلا: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ} [الفرقان: ٤٣]

أي أعلمت. . ولكن جاءت كلمة جهرة لتنفي العلم فقط وتطالب بالرؤية مجهورة واضحة يدركونها بحواسهم. وهذا دليل على أنهم متمسكون بالمادية التي هي قوام حياتهم. . نقول لهؤلاء إن سؤالكم يتسم بالغباء. . فأنتم حين تطلبون أن تروا الله جهرة. والمفروض أن الله تبارك وتعالى له مدلول عندكم. . ولذلك تطلبون رؤيته لتقارنوا المدلول على الموجود. . ذلك لو كانت القضية أصلا أن تعرفوا أن الله موجود أو غير موجود. . والذي شجعهم على أن يقولوا ما قالوا. . طلب موسى عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن يراه.

واقرأ قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً} [الأعراف: ١٤٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>