ولابد أن نعرف أن قضية رؤية الله في الدنيا محسوسة. . وأنه لا سبيل إلى ذلك والإنسان في جسده البشري. . لأن هذا الجسد له قوانين في ادراكاته. . ولكن يوم القيامة نكون خلقا بقوانين تختلف. . ففي الدنيا لابد أن تخرج مخلفات الطعام من أجسادنا. وفي الآخرة لا مخلفات. وفي الدنيا يحكمنا الزمن. . وفي الآخرة لا زمن. إذ يظل الإنسان شبابا دائما. . إذن فهناك تغيير. .
المقاييس هنا غير المقاييس يوم القيامة في الدنيا بإعدادك وجسدك لا يمكن أن ترى الله. وفي الآخرة يسمح إعدادك وجسدك بأن يتجلى عليك الله سبحانه وتعالى. . وهذا قمة النعيم في الآخرة. أنت الآن تعيش في أثار قدرة الله. . وفي الآخرة تعيش عيشة الناظر إلى الله تبارك وتعالى. . وفي ذلك يقول الحق جل جلاله:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة: ٢٢ - ٢٣]
والإنسان في الدنيا قد اخترع آلات مكنته من أن يرى ما لا يراه بعينه المجردة يرى الأشياء الدقيقة بواسطة الميكرسكوب. والأشياء البعيدة بواسطة التلسكوب. . فإذا كان عمل الإنسان في الدنيا جعله يبصر ما لم يكن يبصره. . فما بالك بقدرة الله في الآخرة. . وإذا كان الإنسان عندما يضعف نظره. يطلب منه الطبيب استعمال نظارة. . فإذا ذهب إلى طبيب أمهر. . أجرى له عملية جراحية في عينه يستغني بها عن النظارة ويرى بدونها. . فما بالكم بإعداد الحق للخلق وبقدرة الله التي لا حدود لها في أن يعيد خلق العين بحيث تستطيع أن تتمتع بوجهه الكريم.
ولقد حسم الله تبارك وتعالى المسألة مع موسى عليه السلام بأن أراه العجز البشري. . لأن الجبل بقوته وجبروته لم يستطع احتمال نور الله فجعله دكا. . وكأن الله يريد أن يفهم موسى. . أن الله تبارك وتعالى حجب عنه رؤيته رحمة منه. لأنه إذا كان هذا قد حدث للجبل فماذا كان يمكن أن يحدث بالنسبة لموسى. إذا كان موسى قد صعق برؤية المتجلَّى عليه. . فكيف لو رأى المتجلِّي؟ . .
والإنسان حين يعجز عن إدراك شيء في الدنيا لأنه مخلوق بهذه الإمكانات