ولم يقل الحق أي قول في أمر المعراج، لأن الإسراء آية أرضية، انتقل فيها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مكة إلى بيت المقدس. ونعلم أن رسول الله لم يذهب إلى بيت المقدس قبل الإسراء، بدليل أن كفار مكة أرادوا إحراج الرسول فقالوا له: صف لنا بيت المقدس. وهم واثقون من عدم ذهابه إليه من قبل. وكان في الطريق قوافل لهم رآها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ووصف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بيت المقدس وقال لهم عن أخبار قوافلهم. وجاءت القوافل مثبتة لصدق محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
إذن كان الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آية أرضية يمكن أن يقام عليها الدليل. ولذلك جاء بها الحق صريحة فقال:{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} .
لكن المعراج لم يذكره الحق صراحة، فلم يكن من قريش ولا من أهل الأرض من رأي سدرة المنتهى، ولم يكن لأحد من أهل الأرض القدرة على أن يصف طريق المعراج.
إذن فالآيات التي يقف فيها العقل يتناولها القرآن تناولاً موسعاً رحمة بالعقول؛ لأن الإنسان إن اعتقد بها فهذا أمر جائز، وعدم الاعتقاد بها لا يؤثر في أصل العقيدة، ولأ في أصول التكليفات، ومدارها التصديق. ومادام الحق سبحانه وتعالى قد فوض رسوله أن يعطينا أحكاماً. إن عملنا بها جزانا الله الثواب، وإن لم نعمل بها نالنا العقاب {وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا} ، فكيف لا يفوضه في أن يقول لنا بعضاً من الأخبار؟!
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيما روي عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وذكره البخاري في صحيحه أنه قال:
«والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر