الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها» . ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم «وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً» .
هذه أخبار أخبرنا بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. إذن لا توجد قضية عقدية تقف مستعصية أمام عقول المسلمين خاصة. أن البعض قد يقول: إن الحق سبحانه قد قال: {إِذْ قَالَ الله ياعيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ}[آل عمران: ٥٥]
وقد شرحنا من قبل في خواطرنا عن سورة آل عمران كل الشرح لهذه المسألة. قلنا: إن علينا أن ننتبه إلى «واو العطف» بين «متوفيك» و «رافعك» .
ومن قال إن «واو العطف» تقتضي الترتيب؟ إن «واو العطف» تقتضي الجمع فقط كقولنا: «جاءني زيد وعمرو» ، هذا يعني أن زيداً جاء مع عمرو. أو ان زيداً جاء أولاً، أو أن عمراً جاء أولاً وتبعه زيد، ف «الواو» لا تقتضي الترتيب، وإنما مقتضاها الجمع فقط
لكن إن قلنا «جاءني زيد فعمرو» فزيد هو الذي جاء أولاً وتبعه عمرو؛ لأن «الفاء» تقتضي الترتيب، أما «الواو» فتأتي لمطلق الجمع ولا تتعلق بكيفية الجمع، وسبحانه قال:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} هذا الضرب من الجمع لايدل على أن التوفي قد تم قبل الرفع، ودليلنا أن الحق سبحانه أنزل في القرآن آيات تدل على مثل هذا، كقوله الحق:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ}[الأحزاب: ٧]
فسبحانه أخذ الميثاق من محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وجمع معه سيدنا نوحاً وإبراهيم، فهل هذا الجمع كان قائماً على الترتيب؟ لا؛ لأن نوحاً متقدم جداً في