{النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]
لذلك كان لا بد للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يقدر زيد بن حارثة؛ فأعتقه ودعاه «زيد بن محمد» تكريماً له، على عادة العرب في تلك الأيام. لكن الله يريد أن يلغي مسألة التبنّي:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ}[الأحزاب: ٤]
وأجرى الله الأحداث ليصحح مسألة التبني لكل العرب، وكان بداية تطبيق ذلك على سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وينزل القول الحق:{ادعوهم لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله}
[الأحزاب: ٥]
لم ينف الله القسط عن محمد، ولكن الأقسط يأتي من عند الله. ويطيب الله خاطر زيد بعد أن عاد إليه اسمه الفعلي منسوباً لأبيه لا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويكافئ الله زيداً بأن يجعل اسمه هو الاسم الوحيد في الإسلام الذي يذكر في القرآن ويتعبد المؤمنون بتلاوته إلى أن تقوم الساعة:{فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً}[الأحزاب: ٣٧]
لقد صار اسمه في القرآن يتلوه المسلمون إلى قيام الساعة. وفي ذلك كل السلوى. إذن ف « {أَقْسَطُ عِندَ الله} جاءت في محلها، وإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد طلب منا أن يكون قيامنا مبالغاً فيه؛ أي ألا نترك فرصة لعمل الخير وأن نبالغ في الدقة في أداء العمل، وأن نَعْدل في المجتمع بأن نكون شهداء بالقسط. وبذلك يأخذ كل إنسان حقه فلا يقدر قوي أن يظلم ضعيفاً؛ لأن الضعيف سيجد أناساً يشهدون معه بالحق.
وإياكم أن تأخذوا الهوى في مقاييس العدل. وهب أن المسألة تتعلق بعدوكم أو بخصومكم فالعدل هنا أكثر أهمية وأكثر وجوبا.