{إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فاكتبوه}[البقرة: ٢٨٢]
فالحق يحمي المقترض من نفسه؛ لأنه إذا علم أن الدين مكتوب، يحاول جاهداً أن يتحرك في الحياة ليسد هذا الدين، ويستفيد المجتمع من حركته أيضاً.
وعندما يُكتب القرض فهذا أمرٌ دافع للسداد وَحّاثٌّ عليه. لكن إن لم يكتب القرض فقد يأتي ظرف من الظروف ويتناسى القرض؟ ولو حدث ذلك من شخص فلن تمتد له يد من بعد ذلك بالمعاونة في أي أزمة، فيريد الحق أن يديم الأسباب التي تتداول فيها الحركة، ولذلك يقال في الأمثلة العامية: من يأخذ ويعطي يصير المال ماله. ويكون مال الدنيا كلها معه، ولذلك يقول الحق:{وَلاَ تسأموا أَن تَكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢]
وفي ذلك حماية للنفس من الأغيار، ولم يمنع الحق الأريحية الإيمانية فقال:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ}[البقرة: ٢٨٣]
وهكذا يحمي الله الحركة الاقتصادية. ونجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو الرحيم بالمؤمنين، وقد بلغه أن واحداً قد مات وعليه دين، فقال للصحابة: صلوا على أخيكم. لكنه لم يصل على الميت. وتساءل الناس لماذا لم يصل رسول الله على هذا الميت وما ذنبه؟ كأن رسول الله أراد أن يعلم المؤمنين عن دين المدين فلم يمنع الصلاة، ولكنه لم يصل عليه حفزا للناس ودَفْعاً لهم إلى أن يبرئوا ذمتهم بسداد وأداء ما عليهم من دين. وقال:
«من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه. ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» .
فمادام قد مات وهو مدين وليس عنده ما يسد الدين؛ فربما كان لا ينوي رد الدين، وأن نفسه قد حدثته بألا يرد الدين.