عليها. لكن الأمور المادية المعملية. لم يختلفوا فيها. ونقول الكلمة المشهورة:«لا توجد كهرباء روسي ولا كهرباء أمريكاني» . «ولا توجد كيمياء روسي ولا كيمياء أمريكاني» ؛ فكل الأمور الخاضعة للتجربة والمعمل فيها اتفاق، والخلاف فقط فيما تختلف وتصطدم فيه الأهواء.
فكأن الله ترك لنا ما في الأرض لنتفاعل معه بعقولنا المخلوقة له، وطاقاتنا وجوارحنا المخلوقة له، ويوضح: إن التجرية المعملية المادية لن تفرقكم بل ستجتمعون عليها. وسيحاول كل فريق منكم أن يأخذ ما انتهى إليه الفريق الآخر من التجارب المادية ولو تلصصها، ولو سرقها، أما الذي يضركم ويضر مجتمعكم فهو الاختلاف في الأهواء. وليت الأمر اقتصر على الاتفاق في الماديات والاختلاف في الأهواء، لا، بل جعلوا مما اتفقوا عليه من التجارب المادية والاختراعات والابتكارات وسيلة قهرية لفرض النظرية التي خضعت لأهوائهم.
فكأننا أفسدنا المسألة. . أخذنا ما اتفقنا فيه لنفرض ما اختلفنا عليه.
إن الحق سبحانه وتعالى أعطانا كل هذه المسائل كي تستقيم الحياة، ولا تستقيم الحياة إلا إن كان الحق سبحانه وتعالى هو الذي يحسم في مسائل الهوى، ولذلك حتى في الريف يقولون:«من يقطع إصبعه الشرع لن يسيل منه دم» ؛ لأن الذي يقول ذلك مؤمن، أي أن الحكم حين يأتي من أعلى فلا غضاضة في أن نكون محكومين بمن خلقنا وخلق لنا الكون، وتدخلت السماء في مسألة الأهواء بالمنهج: افعل هذا ولا تفعل هذا، لكن ما ليس فيه أهواء أوضح سبحانه: أنتم ستتفقون فيها غصباً عنكم، بل ستسرقونها من بعضكم، إذن فلا خطر منها.
إن الخطر في أهوائكم. ولذلك اذكروا: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أمهات المسائل التي يترتب عليها حسن نظام المجتمع كما يريده الله كان - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - يتحمل هو التجربة في نفسه، ولا يجعل واحداً من المؤمنين به يتحمل التجربة، فمسألة التبني حين أراد ربنا أن ينهيها حتى لا يدعي واحد آخر أنه ابنه وهو ليس أباه، أنهاها الله في رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ}[الأحزاب: ٣٧]