أم هم مرسلون من قبل عيسى عليه السلام إلى أهل أنطاكية؟ . وقد كفر الناس أولاً بهذين الرسولين، فعززهم الحق بثالث.
وقال الناس لهم:{قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ}[يس: ١٥]
وهنا قال الرسل:{قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ}[يس: ١٦]
فما الفرق بين {إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} وبين {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} ؟ . إن الأَخْبار دائماً تُلقى من المتكلم للسامع لتعطيه خبراً، فإن كان السامع خالي الذهن من الخبر، أُلقي إليه الكلام بدون تأكيد. وأما إن كان عنده شبه إنكار، ألقى إليه الكلام بتأكيد على قدر إنكاره. فإن زاد في لجاج الإنكار يزيد له التأكيد. فأصحاب القرية أرسل الله إليهم اثنين فكذبوهما، فعززهما بثالث، وهذا تعزيز رسالي، فبعد أن كانا رسولين زادهما الله ثالثاً، وقال الثلاثة:{إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ}[يس: ١٤]
صحيح ثمة تأكيد هنا. لأن الجملة إسمية، وسبقتها «إنّ» المؤكذة؛ فلما كذبوهم وقالوا لهم:{مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ} وكان هذا لجاجاً منهم من الإنكار فماذا يكون موقف الرسل؟ أيقولون:{إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ} كما قيل أولاً؟ . لا. إن الإنكار هنا ممعن في اللجاجة والشدة، فيأتي الحق بتأكيد أقوى على ألسنة الرسل:
{رَبُّنَا يَعْلَمُ} .
وذلك القول في حكم القسم؛ هذا هو التأكيد الأول، والتأكيد الثاني: