إن الإيمان يجعل المؤمن يتلقى الأمر من الله طائعا. . عرف علته أو لم يعرف. . ويقوم بتنفيذه لأنه صادر من الله. . ولذلك فإن تنفيذ أي أمر إيماني يتم لأن الأمر صادر من الله. . وكل تكليف يأتي. . علة حدوثه هي الإيمان بالله. . ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يبدأ كل تكليف بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الذين آمنوا} . . أي يا من آمنت بالله ربا وإلها وخالقا. . خذ عن الله وافعل لأنك آمنت بمن أمرك.
في هذه الآيات التي نحن بصددها أراد الله تعالى أن يبين لنا ذلك. فجاء بالأمر بذبح البقرة أولا. . وبالعلة في الآيات التي روت لنا علة القصة. . وأنت حين تعبد الله فكل ما تفعله هو طاعة لله سبحانه وتعالى. . سواء عرفت العلة أو لم تعرفها؛ فأنت تؤدي الصلاة لأن الله تبارك وتعالى أمرك بأن تصلي. . فلو أديت الصلاة على أنها رياضة أو أنها وسيلة للاستيقاظ المبكر. . أو أنها حركات لازمة لليونة المفاصل فإن صلاتك تكون بلا ثواب ولا أجر. . إن أردت الرياضة فاذهب إلى أحد النوادي وليدربك أحد المدربين لتكون الرياضة على أصولها.
. وأن أردت اللياقة البدنية فهناك ألف طريقة لذلك. . وإن أردت عبادة الله كما أمرك الله فلتكن صلاتك التي فرضها الله عليك لأن الله فرضها. . وكذلك كل العبادات الأخرى. .
الصوم ليس شعورا بإحساس الجائع. . ولا هو طريقة لعمل الرجيم ولكنه عباده. . إن لم تصم تنفيذا لأمر الله بالصوم فلا ثواب لك. . وإن جعلت للصيام أي سبب إلا العبادة فإنه صيام لا يقبله الله. . والله أغنى الشركاء عن الشرك. . فمن أشرك معه أحدا ترك الله عمله لمن أشركه. . وكذلك كل العبادات.
هذا هو المفهوم الإيماني الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يلفتنا إليه في قصة بقرة بني إسرائيل. . ولذلك لم يأت بالعلة أو السبب أولا. . بل أتى بالقصة ثم أخبرنا سبحانه في آخرها عن السبب. . وسواء أخبرنا الله عن السبب أو لم يخبرنا فهذا لا يغير في إيماننا بحقيقة ما حدث. . وإن القصة لها حكمة وإن خفيت علينا فهي موجودة.
قوله تعالى:{إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} . . أعطى الله تبارك وتعالى