للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدث في الكون. أَوُجِدَ لبني إسرائيل استقرار في أي وطن؟ . لا. وحتى الوطن الذي أقاموه بسبب وعد بلفور لم يترك الحق أمره. بل أعطى وعده للمؤمنين بأن يدخلوا المسجد إذا ما أحسنوا العمل لاسترداده. ومازال اليهود بطبيعتهم شتاتاً في أنحاء الأرض. ولهم في كل وطن حيّ خاص بهم. وتحتفظ كل جماعة منهم في أي بلد بذاتيتهم ولا يذوبون في غيرهم: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسكنوا الأرض فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} [الإسراء: ١٠٤]

وحين يأتي بهن الحق في الجولة الآخرة سيأتون لفيفاً أي مجتمعين؛ لأن الأُمّة المؤمنة حين يقوّيها الله لتضرب على هؤلاء القوم ضربة لا بد أن يكونوا مُجتمعين. وكأن الله قد أراد أن يكون هذا «الوطن القومي» حتى يتجمعوا فيه وبعد ذلك يرسل الضربة عليهم لأنه جاء بهم لفيفاً؛ لذلك لا نحزن لأنه قد صار لهم وطن، فقد جاء بهم لفيفاً.

ونعود إلى الآية التي نحن بصددها. كيف يكون النفي من الأرض؟ حين يرد الله تَحييز مكان فهو يقول على سبيل المثال: {ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} [المائدة: ٢١]

إذن فقد نفى غيرها. وهو يقول أيضاً: {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ} [الأعراف: ١١٠]

وكان المقصود بها مصر.

فإذا أخذنا الأرض بالمعنى العام فحكمها حُكم «اسكنوا الأرض» . والنفي هو صورة من صور العقوبات للإفساد، والإفساد في الأرض ينقسم إلى أربعة أقسام؛ قتل، قتل وأخذ مال، أخذ مال فقط، ترويع. وقد زاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئاً وفعله في سيرته، فقد جاء بنا بأمر جديد في أمر الإفساد. وكان على

<<  <  ج: ص:  >  >>