يحتاج إليه إن كان عاجزاً. ولكن الآفة أن بعضاً من الناس يحبُّون عملاً بذاته، فهذا يرغب في التوظّف في وظيفة لا عمل فيها، ونقول له:
في العالم المعاصر أزمة عمالة زائدة فتعلّم أي مهارة؛ فما ضنت الحياة أبداً على طالب قوت من عمل.
ولنا في رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأُسْوَة حين أقام أول مزادٍ في الإسلام. عندما جاء له رجلٌ من الأنصار يسأله، فقال له:
«أما في بيتك شيء. قال الرجل: بلى، حِلْسٌ نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقَعْبٌ - أي قدح - نشرب فيه من الماء. قال: إيتني بهما. فأتاه بهما. فأخذهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده وقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: من يزيد على درهم؟ - مرتين أو ثلاثا - ثال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما للأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعاماً فنبذه - أي أَلْقِهِ - إلى أهلك، واشتر بالآخر قَدُوماً فائتني به»
إذن أشار النبي صلّى الله عليه وسلم على الرجل وأمره بأن يحضر الحِلْس الذي ينام عليه والقدح الذي يشرب فيه، حتى يعرف الرجل أنه تَاجَر في شيء يملكه، لا في عطاء من أحد. وجاء الرجل إلى حضرة النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ ووجد أن النبي قد سوّى له يداً لقدوم وقال للرجل:
«اذهب فاحتطب وبعْ، ولا أرينَّك خمسة عشر يوماً»
وذهب الرجل يحتطب ويبيع امتثالاً لأمر النبي صلّى الله عليه وسلم وجاء بعد خمسة عشر يوماً وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً.
فقال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة»