ونلحظ أن هذا القول قد جاء بعد آية السرقة وبعد آية الإعلام بأن له مُلْكَ السموات والأرض. ولذلك كان لا بد من تذييل يخدم الاثنين معاً. ليؤكد سيطرة القدرة. وحين يريد الحق أن يرحم واحداً. فليس في قدرة المرحوم أن يقول:«لا أريد الرحمة» . وحين يعذب واحداً لن يقول المعذَّب - بفتح الذال -: «لا داعي للعذاب» . فسيطرة القدرة تؤكد أنه لا قدرة لأحد على رَدِّ العذاب أو الرحمة. إذن فالآية قد جاءت لتخدم أغراضاً مُتعددة. فإن حسبناها في ميزان الأحداث فللحق كل القدرة. وإن حسبناها في ميزان الزمن، فكيف يكون الأمر؟ .
نعرف أن التعذيب للسّرقة قسمان. . تعذيب بإقامة الحَدّ، وفي الآخرة تكون المغفرة. إذن فالكلام منطقي مُتَّسق.
إنني أقول دائماً: إياكم أن تُخدَعوا بأن الكافر يكفر، والعاصي يعصى دون أن ينال عقابه؛ لأن من تعوَّد أن يتأبَى على منهج الله، فيكفر أو يعصي لا بد له من عقاب. لقد تمرَّدَ على المنهج، ولكنه لا يجرؤ على التَمرُّد على الله.
إن الإنسان قد يتمرد على المنهج فلا يؤمن أو لا يقيم الصلاة، لكن لا قدرة لإنسان أن يتمرد على الله، لأنه لا أحد يقدر على أن يقف في مواجهة الموت، وهو بعضٌ من قُدْرةِ الله. وسبحانه وتعالى يحكم ما يريد. وقد أراد أن يوجِد للإنسان اختياراً في أشياء، وأن يقهر الإنسان على أشياء، فيا من مرَّنت نفسك على التمرّد على منهج الله عليك أن تحاول أن تتمرّد على صاحب المنهج وهو الله. ولن تستطيع لا في شكلك ولا لونك ولا صحتك ولا ميعاد موتك. وليفتح كل مُتَمرِّد أذنيه، وليعرف أنه لن يقدر على أن يَتمرَّد على صاحب المنهج وهو الله. إذن صدق قول الله:{والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .