يجده فهو يلف ويدور ويسأل في كل صيدليات البلد فإن لم يجده فهو يوصي المسافر إلى الخارج لعله يأتي له بالدواء. وإذا جاء له صديق بهذا الدواء فهو يمتلئ بالامتنان بالسرور. أيقبل المريض على الدواء غير المستساغ بعاطفته ام بعقله؟ إنه يقبل على الدواء غير المستساغ الطعم ويحبه بعقله. والحب العقلي - إذن - هو إيثار النافع.
ومثال ذلك نجد الوالد لابن غبي يحب ابناً ذكياً لإنسان غيره.
الوالد - هنا - يحب ابنه الغبي بعاطفته. ولكنه يحب ابن جاره لأنه يمتلك رصيداً من الذكاء. إذن هناك حب عقلي وحب عاطفي. وهذا ما يحدث في المجال البشري لكن بالنسبة لله فلا.
وعندما يقول الحق:{فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} أي أنهم يحبون الله بعقولهم، وقد يتسامى الحب إلى أن يصير بعاطفتهم، وقد يُجرب ذلك حين يجري الله على أناس أشياء هي شر في ظاهرها، ولكنهم يظلون على عشق لله. ومعنى ذلك أن حبهم لله انتقل من عقولهم إلى عاطفتهم. وسيدنا عمر جرى معه حل هذا الإشكال. كيف؟
لقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» .
وهناك من قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنه أحب إليه من ماله وولده لكن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: أنت أحب إليّ من مالي وولدي أما نفسي فلا وأعاد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ القول: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» .
وهنا علم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقصد الحب العقلي؛ لأن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه علم أيضا أن الحب العاطفي لا يكلف به، ولذلك قال عمر: الآن أحبك عن نفسي، فرد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الآن