قوم لا يعرفون شيئاً عن الكتاب إلا ظنا. . فيصدقهم هؤلاء الأميون دون علم. . وكان الله سبحانه يريد أن يلفتنا إلى أن كثيرا من المذاهب الدينية في الأرض ينشأ عن المبلغين لها. . فهناك أناس يأتمنون آخرين ليقولوا لهم ما إنتهت إليه الأحكام الدينية. . فيأتي الأمي أو غير المثقف يسأل عالما عن حكم من الأحكام الشرعية. . ثم يأخذ منه الحكم ويطبقه دون أن يناقشه. . لأن علمه قد إنتهى عند السؤال عن الفتوى. . والحق سبحانه وتعالى كما يقول:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى}[الأنعام: ١٦٤]
أي لا يحمل أحد ذنب أحد يوم القيامة. . فيقول تعالى:{لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[النحل: ٢٥]
بعض الناس يظن أن الآيتين بينهما تعارض. . نقول لا. . ومن يرتكب إثما يحاسب عليه. . ومن يضل غيره بفتوى غير صحيحة يحل له بها ما حرم الله. . فإنه يحمل معاصيه ومعاصي من أضل. . فيكون له وزر لأنه ضل، ووزر لأنه أضل غيره. . بل وأكثر من ذلك. . فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول:
«من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً»
ولابد أن نتنبه إلى خطورة الفتوى في الدين بغير علم. . الفتوى في الدنيا أقصى ما يمكن أن تؤدي إليه هو أن تجعلك تخسر صفقة. . لكن الفتوى في الدين ستدوم عمرا طويلا. .