لقد أُخبروا أن أخاهم قد استخرج من وعائه بعض من أدوات الملك وهو الصواع الذي يكال به ولهذا جاءت شهادتهم هذه المرة مطابقة للواقع، وهو ما أخبروا به.
إذن فالشهادة هي الفيصل في التنازع. ولذلك يوصي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ألا يشهد الرجل على أمرٍ إلا بعد أن يكون قد رآه رأي العين، كما يرى الشمس:«على مثلها فاشهد أو فدعْ» .
الحق سبحانه وتعالى يقول:{ياأهل الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[آل عمران: ٧٠] .
وهكذا نعلم أن الشهادة كلها تدور حول الحضور والشهود. ولهذا تأتي الشهادة في لوازم متعددة، فهي مرة تعني الحضور، وهي مرة تأتي بمعنى الحكم، وثالثة بمعنى الإقرار. وكلها معانٍ ملتقية.
والشهادة تتطلب أمرين: الأول هو حضور الشاهد لحظة وقوع المشهود به، والثاني هو أمانة النقل، ولذلك جعل الله في بعض الأحكام شهادة اثنتين من النساء تعدل شهادة رجل واحد. وقد يقول قائل: كيف يساوي الإسلام بين شهادة رجل جاهل أو أمي وشهادة امرأتين قد تكون كل منهما على درجة عالية من الثقافة والعلم؟
ونقول: إن المسألة في الشهادة ليست عمل عقلٍ، ولكنها أمانة نقل، وأمانة النقل لا شأن لها بالثقافة، فالشهادة تحتاج إلى حضور الحادثة، ثم إن المرأة يكون دائماً أمرها مبنياً على الستر وعدم التهجم على الرجال. فقد تقع حادثة وتوجد امرأة بجانب هذه الحادثة، وبطبيعة الحال لن تتجاسر وتتقدم وتسأل لمعرفة كل التفاصيل، على العكس من الرجل الذي يرى الحادثة، فيحاول أن يعرف كل